اراء

الفضيلة الغائبة

خالد جاسم..

ثقافة الاعتذار في مجتمعنا الرياضي تكاد تكون شبه غائبة إن لم تكن معدومة بدليل ما يحدث من مشكلات وخلافات وتقاطعات في شتى ضروب رياضتنا ومفاصلها المختلفة طالما أنَّ كلَّ من يرتكب عملاً أو يُقدِم على خطوة ما تلحق الأذى بالآخرين سواء بقصد أو دون قصد من الشخص المرتكب للفعل الخاطئ يجد أنَّ ما أقدم عليه هو الفعل الصحيح بحسب تفسيره ومن وجهة نظره الخاصة التي ربما لا يتعدى فيها النظر أرنبة أنفه، وعندما تواجه هؤلاء الناس بأخطائهم كثيراً ما يلغون استعدادهم للاعتذار عن تلك الأخطاء التي يرتكب معظمها مع سبق الإصرار والترصد كما يقول أهل الفقه الجرمي بل وتجد أنَّ من يتمادى في ارتكاب مثل هذه الأخطاء يعاني عللاً شتى بينها القصور في الفهم وترسخ روح العدوان والميل إلى المشاكسة الصبيانية أو ربما نتاج مرض نفسي أو علة أخرى وبالتالي يجد مثل هؤلاء أنَّ اعتذارهم إلى الآخرين يعد انتقاصاً منهم وثلماً لهيبة يتوهمها المرضى في دواخلهم متناسين أنَّ الاعتذار عن الخطأ ثقافة إنسانية راقية ومفهوم يجسد النبل وأشياء أخرى فاضلة إن لم يكن الإسلام الحنيف قد جسد ثقافة الاعتذار عن الخطأ بالقول وفي واحدة من لآلئ الحكم أنَّ الاعتراف بالخطأ هو من بين الفضائل الكثيرة التي احتوتها العقيدة الإسلامية.

وبعيداً عن السلوكيات والممارسات الشخصية التي تعكس غياب ثقافة الاعتذار في واقعنا الرياضي فإنَّ غياب هذه الفضيلة والثقافة في نفس الوقت تجد صداها حاضراً في أنشطة وفعاليات الاتحادات والأندية الرياضية، وما يؤخذ على معظم تلك الأندية والاتحادات إصرارها على المضي في دروب المشاركات الخارجية غير المحسوبة جيداً والتي تفتقد إلى الجدوى الفنية والثمار الحقيقية التي كثيراً ما تأخذ صورة المشاركة لأجل المشاركة في هذه البطولة أو ذاك الملتقى الرياضي.

وللأسف فإنَّ ما يساعد على تشجيع الإيغال والإصرار على المشاركات الفارغة المحتوى والخالية من الجدوى النافعة غياب الدور الرقابي والحسيب الذي يضع عملية (فلترة) حقيقية للمشاركات الخارجية التي ربما تساعد إدارات الاتحادات والأندية على اكتساب وتعلم ثقافة أو فضيلة الاعتذار لأصحاب الدعوات عن المشاركات الخارجية التي لا طعم أو لون أو رائحة مميزة لها وكما فعل المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية العراقية مؤخراً عندما قرر تقنين المشاركات الخارجية لأسباب موضوعية رصينة وفق حسابات فنية موضوعية هو ليس بالأمر المعيب أو الذي يفهم منه تراجع في موقف أو انعكاس لضعف التخطيط بل هي مراجعة صحيحة وفضيلة تتجسد في ثقافة الاعتذار التي كنا نتمنى حضورها سابقاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى