تبرير أبو الهيل

سامر الياس سعيد..
برّر مدرب منتخب العراق للسيّدات، نجم المنتخب الوطني السابق عبدالوهاب أبو الهيل، خسارة المنتخب الأخيرة بأنها جاءت نتيجة أخطاء تحكيميّة، واصفًا إيّاها بـ”الفاضحة” إلى جانب جملة من التبريرات التي أراد من خلالها حرف مسار الانتقادات التي عادة ما تطلّ برأسها نحو أوضاع منتخب السيّدات، الذي لم يكن صنو قرينه منتخب الرجال في يوم من الأيام، كون منتخب السيّدات يجري الإعداد له في فترات قصيرة كما وصفها المدرب، إضافة إلى استقطاب لاعبات شابّات تنقصهنّ الخبرة وزجّهن في معترك دولي قد ينعكس على واقعهنّ ويسهم في زعزعة الثقة لديهنّ، كونهنّ بأعمار شابة لا تتجاوز الـ18 سنة.
سنقف عند جزيّئات من سلسلة التبريرات التي أبرزها أبو الهيل، لاسيّما لو حرّفنا تلك التبريرات وأسقطناها على واقع منتخب الرجال، فهل يصحُّ زجّ لاعبين شباب بمفردهم في إطار استحقاق يتطلّب الانسجام والترابط بين لاعبين ذوي خبرة ودماء شابّة كما يحصل في كُل استحقاق، ليتم التعامل مع هذين العنصرين في إدراك المطلوب منهم.
لقد أبرزت مواقع التواصل، طريقة تعامل سلبيّة من جانب أبو الهيل في أحد الاستحقاقات، معتبرة أن الانتقاد لطريقة المدرّب في اختيار اللاعبات اللواتي وصفهنّ بكونهنّ “سليطات” في التدخّل بخياراته التكتيكيّة، يعبّر عن طريقة عجز لا يقف بها مدرب شاب، فكيف بـ”أبو الهيل” الذي خضع لأسماء تدريبيّة مهمّة من خلال تمثيله للمنتخب في فترات مطلع الألفية.
وتبرز حقيقة قيادة المدرب للفريق بعدم الخضوع بتاتًا لاختيارات اللاعبين، بل على العكس، إعلان السلطة الكاملة للمدرب وتحميله مسؤوليّة النتائج من خلال إشرافه على الفريق، فإذا ما تعرّض الفريق -لا سمح الله- للخسارة، فلا يمكن للمدرب أن يبرّر الخسارة من خلال اللاعبين وفرضهم لإراداتهم بالخيارات الممكن اللعب بها في تلك الاستحقاقات.
كما نوّه أبو الهيل، في سياق تصريحاته، إلى أن الجهاز التدريبي لا يمتلك عصًا سحريّة، برغم تولّيه المهمّة قبل أشهر معدودة، لكنه بالمقابل مسؤول عن خياراته من اللاعبين، كونـه اعترف بأن الدوري وإقامته سيوفّران الغطاء المهم للوقوف على الخيارات المتاحة من اللاعبات القادرات على التمثيل الدولي، بالمقارنة مع الرياضات الأخرى كالكرة الطائرة أو كرة السلة، وإمكانيّة اختيار لاعبات المنتخبات الوطنيّة من خلال الدوريّات والبطولات المحليّة التي تسهم بشكل كبير في إبراز تلك اللاعبات القادرات على التمثيل الدولي، لاسيّما مع تحقيقهنّ التألّق والبروز مع أنديتهنّ وفرقهنّ في غمار البطولات والدوريات المحليّة. ويشدّد أبو الهيل على أن انطلاق دوري نسوي منظّم سيسهم بشكل كبير في رفد المنتخب بالمواهب وتحقيق الاستمراريّة له.
إن تحقيق التقدّم في التصنيف الدولي بالنسبة لمنتخب السيّدات، لا يُعدّ مؤشرًا حقيقيًّا على تطوّر اللعبة في البلد، في غياب المقوّمات المطلوبة الأخرى، والتي كما أسلفنا تتضمّن حاجتنا إلى تنظيم دوري منظّم يسهم في اختيار اللاعبات وإمكانيّة تمثيلهنّ للمنتخب الوطني، إضافة إلى القدرة على اختيار المدرّبين الأكفاء من المحترفين لغرض تطوير اللعبة.
فإمكانية تحقيق فوز وحيد أو بضعة تعادلات مقابل الوقوع في خسارات ثقيلة لا يُعدّ مؤشرًا على انتعاش اللعبة، إلى جانب التقدّم في التصنيف الدولي، بقدر ما هو مطلوب من أنديتنا الاهتمام باللعبة واستقطاب اللاعبات، إضافة إلى إسهام الرياضة المدرسيّة في إبداء الاهتمام المطلوب لبناء قاعدة مهمّة للعبة لإمكانيّة تحقيق تقدّم ملحوظ فيها.



