مفردات المرجعية.. شهادة تزكية

بقلم/ منهل عبد الأمير المرشدي..
خلافاً لكل المظاهر البرتوكولية في العلاقات الدبلوماسية على المستويين السياسي والاجتماعي، وحتى في الأوساط الدينية والرياضية والعشائرية وغيرها، تنفرد المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، من بين كل المؤسسات، بصياغة معادلة تخصّها من دون سواها، على إنها تسمّي الأشياء بأسمائها، فالحق في رحابها، هو الحق بكل ما يستحقه من قدر وتقدير مرحب به واضح معلوم، والباطل حين يحل عليها، هو الباطل بكل ما يعنيه، تنغلق الأبواب بوجهه غير مرّحب به مكشوف، مجلس العزاء الذي أقيم على روح المغفور لها عقيلة سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني، كان مصداقاً لتلك المعادلة في جميع مفرداتها.. من دون أن نتطرق الى ذكر الأسماء أو نحدد الشخوص، كان مجلس العزاء ميزاناً لقيمة الأشخاص وقدر كل منهم. في الوقت الذي استغنى الكثير من الأسماء (الكبيرة) لرؤساء الكتل والأحزاب والمناصب عن الذهاب تلافياً للإحراج والابتعاد عن الإشكالات التي قد تحصل، فيما تجرد أغلب الذين حضروا من أفواج حماياتهم على مسافة من المجلس، ودخل كل منهم محاطاً بفرد أو اثنين من حمايته، بينما كانت العيون تحّدق بالمباشر أو عبر وسائل التواصل صوب نجليّ سماحة المرجع الأعلى السيد محمد رضا والسيد محمد الباقر، حيث اكتفيا ترحيباً بالبعض بوضع الكف على الصدر بلا مصافحة، فيما حاز البعض على المصافحة السريعة على العكس من عامة الناس الذين تصافحوا مع السيدين بود وحرارة. لابد أن نشير الى إن بعضاً من الذين تصافحوا وغادروا على وجه السرعة، كان تصرف أبناء المرجع معهم بمثابة إسقاط فرض وكفيان للشر. قد يستغرب البعض من هذا التقييم الدقيق لمفردات التحية الفردية في مجلس عزاء المرجعية للمرحومة العلوية “رضوان الله عليها” لكننا نقولها بشفافية وصراحة وصدق خصوصاً لمن لا يعلم، إن المرجعية الدينية العليا في العراق هي مصداق اليقين وميزان الحق وحكمة التقييم ونبراس السراط المستقيم، حيث يسعى الجميع اليها روحاً ومعنى وانتماءً ودلالة، بحثاً عن شهادة التزكية، شرفاً وتشرفاً وتزكية وشهادة. هي هيبة العراق وعنوان الوقار فيه والقدر الأعلى في وجوده، هي صمام أمان العراق وخلاصة البحث الوافي في الدين المحمدي الأصيل على نهج العترة الطاهرة آل بيت الحبيب المصطفى “صلوات الله عليه وعلى آله”، بقي ان نشير الى إن مجلس العزاء لعقيلة سماحة المرجع الأعلى، كانت إلقاء الحجة على جميع المسلمين في العراق وخصوصا ابناء مذهب آل البيت “عليهم السلام” في قصر مدة التعازي واختصار المصروفات من دون البذخ في موائد الطعام، كما هو حال التوجيه الذي أصدره مكتب المرجعية بعدم الإذن بإقامة مجالس عزاء في المحافظات العراقية، كما نبارك للقلة القليلة الذين يحسبون على خانة المسؤولية ونالوا الترحيب والاحترام، هي أخلاق آل البيت “عليهم السلام” وتواضعهم ومعالم الزهد فيهم، أنه الحق المبين، ورضي الله عن مرجعيتنا الرشيدة وأدام ظلالها على العراقيين جميعاً، وتغمد روح العلوية الطاهرة بالرحمة والغفران وعالي الجنان مع أمها الزهراء “عليها السلام”.



