اراء

اللهم اكفينا شر السياسة ..

بقلم : منهل عبد الأمير المرشدي ..
كثيرا ما نسمع القائلين بالإبتعاد عن السياسة حتى أمسى الإبتعاد عن الحديث في الشؤون السياسية نصيحة الكثير من الآباء لأبنائهم والأخوان او الأصدقاء الطيبين فيما بينهم . نصيحة الإبتعاد عن السياسة ظرفيّة في طبيعتها حسب ماهية الحكم القائم في البلد . على سبيل المثال لا الحصر فأن التدخل في الشأن السياسي في زمن البعث الهدام والطاغية المقبور تعني المجازفة والمخاطرة التي كثيرا ما تؤدي بصاحبها الى الموت حكما بإلإعدام حتى اننا نتذكر حادثة طريفة غريبة حين كان الرفيق (س) مجتمعا بطلاب في الإعدادية ضمن تنظيمات ما يسمى بالإتحاد الوطني لطلبة العراق بعد حادثة المجزرة التي ارتكبها صدام ضد البعثيين في قاعة الخلد فتوجه اليه احد الحاضرين بسؤال : رفيقي لماذا هذا الخلاف مع نظام حافظ أسد بعد ان كنّا على ابواب الوحدة مع سوريا ؟ تلعثم الرفيق المسؤول وبان عليه الإرتباك وقال له في حروف متناثرة ( اسكت رفيقي شنو هذا السؤال .. .. هاي سياسة ما نتدخل بيها !!!) . أما اليوم فابت التدخل في الشأن السياسي قابل لكل الإحتمالات بعد إن تعددت الأحزاب والحركات والتيارات والمنظمات . أصبح التدخل في السياسة قابل لكل إحتمال بما فيه مصير المجهول لمن يشترك فيها او يناقش فيها فقد تكاثر الزعماء وانتشر القادة وتفشت ظاهرة الريادة وإختلطت علينا مظاهر الأسلمة والعلمنة بالسياسة حيث تعممّ بعض الساسة وتسيّس بعض المعميين وتأسلم العلمانيين وتعلمن المتأسلمين وتقلبت الأمور وتقولبت المفاهيم وضاع الموضوع ولعب بنا الزمان كما يقول المثل الشعبي (لَعب لِعب الخضيري بشط ) . بعد هذه المقدمة التوضيحية البسيطة نعود للتساؤل الذي يطرحه عنوان المقال على شكل دعاء (اللهم اكفينا شر السياسة ) وهل ذلك ممكنا او قدر المستطاع .. السياسة شر لابد منه وقدر يطرق بابنا وإن لم نطرق بابه .. علاقة الشخص مع اصدقائه واقاربه وأرحامه هي شكل من اشكال السياسة فمهما كان الشخص سياسيا ناجحا ويمتلك رؤية سياسية ناضجة في إرضاء الجميع كان محبوبا من الجميع ومقبولا من الجميع حتى وإن كان نهجه على قاعدة (ياهو الياخذ امي يصير عمي ) .. حتى في علاقاتنا العائلية والشخصية فلابد ان يمارس كل منّا السياسة في أدق تفاصيلها بين ألأب وأبناءه وبين الزوج وزوجته او الحبيب مع حبيبته لابد من السياسة . السياسة اليوم صارت قدرا ملازما وقضاء حتميا بعدما أمست الشعوب والأمم بل كل ما في المعمورة من مستوطنات بشرية هي رهن لمزاجات الساسة وإرهاصات الساسة وكذبهم ونفاقهم واطماعهم !!! ترامب بكل طغيانه وفرعونيته هو سياسي ليس إلا .. الجزار النتن ياهو بكل دمويته وفوضويته هو سياسي ليس إلا !! خدام التطبيع وانظمة الأعراب هم بيادق في رقعة السياسة… القادة المسالمون والمقاومون والإسلاميون والعلمانيون جميعهم ساسة .. المشكلة في عالمنا هو الفهم الشامل للسياسة الذي يعود في الإرث التأريخي الى ثلاثينات القرن الماضي عندما زار الدكتاتور هتلر الذي كان سياسيا ايضا , زار قبر وزير الخارجية المتوفي ( فون نويراث ) فوجد يافتة مخطوطة على قبره مكتوب بها ( هذا قبر السياسي الصادق الأمين فون نويرات وزير خارجية المانيا العظمى) .. ضحك هتلر وهزّ يده مستهزءا وقال لهم ما هذا التناقض ؟ إمسحوا كلمة الصادق الأمين .. كيف يكون سياسيا ويكون صادقا وامينا في نفس الوقت ؟؟؟!! بقي ان اقول إن هتلر قد صدق بحكم ما نراه اليوم في ساستنا شلع قلع والله أعلم …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى