إنجازات ونهايات سائبة.. لماذا ذلك؟ لا نعلم

منهل عبد الأمير المرشدي..
من يتابع نشرات الأخبار العراقية، إضافة الى ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي، فضلا عن البيانات المتتالية للناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء، يجد سيلاً هائلاً من الإنجازات في جميع المجالات على المستوى الخدمي والصحي والتعليمي والصناعي والاجتماعي وغيرها، هذه المنجزات الكثيرة لم نجد لها أثراً مباشراً في الشارع العراقي والحياة اليومية بما يتناسب وحجمها والعدد الهائل لها.. الأخبار تحكي شيئا والواقع يحكي شيئاً آخر.. مشاريع خدمية كبرى في المجال السكني، أبراج عالية تناثرت هنا وهناك، ومجمعات ومدن سكنية كبرى تم افتتاحها أو تم وضع الحجر الأساس لها من دون ان نجد لها أثراً مباشراً في إنهاء ظاهرة العشوائيات السكنية المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات، وملايين الفقراء لا يملكون داراً للسكن فلماذا ذلك؟ لا نعلم… محطات كهرباء جديدة كثيرة تم افتتاحها وأخرى تم وضع الحجر الأساس لها، اضافة الى التبشير الدائم بالربط الخليجي والربط العربي والربط التركي والطاقة النظيفة وملايين الألواح من الطاقة الشمسية والآلاف من الكيلواط التي جاءت وراحت ومشكلة الكهرباء هي هي و(ذاك الطاس وذاك الحمام)! فلماذا ذلك؟ لا نعلم… عشرات المستشفيات والمراكز الصحية الجديدة التي تم افتتاحها والعشرات مما تم وضع حجر الأساس لها والمستشفيات الألمانية والتركية ومشروع الضمان الصحي والوضع الشامل للمستوى الصحي في العراق في أردأ حال، والمستشفيات والمراكز الحكومية تفتقر حتى الى سرنجة حقن أو كانونة سحب أو حتى لشريط البراسيتومول والمواطنون يستصرخون من جشع أطباء الاختصاص في القطاع الخاص وارتفاع أسعار الأدوية.. فلماذا ذلك؟ لا نعلم.. مئات المشاريع التربوية وبناء المدارس التركية واليابانية من دون ان تنتهي ظاهرة الدوام الثلاثي والرباعي في المدارس العراقية وعشرات الكليات والجامعات الخاصة التي انتشرت كمشاريع استثمارية لرؤساء الكتل السياسية، فيما نجد الآلاف من الخريجين وحملة شهادة البكالوريوس لا يجيدون كتابة أسمائهم ولا يفرقون بين الضاد أخت الصاد والضاد أخت الطاء، فضلا عن مئات شهادات الدكتوراه التي حلت علينا من كل حدب وصوب، وفق قاعدة “دكتوراه كل عشرة بربع” ناهيك عن عشرات الآلاف من الخريجين بما فيهم حتى الصنف الطبي انضموا الى قوائم العاطلين عن العمل، فلماذا ذلك؟ لا نعلم.. تلاشت معالم الدعم الحكومي العام لإنشاء مدارس الفنون الجميلة والأكاديميات الفنية المؤطرة بإطار رسمي وفق مناهج تربوية مرتبطة بالإرث الفني العراقي والعالمي، فيما أشيع انتشار دور اللهو والمراكز الفنية ذات المستوى الهابط وكل ما يسيء للذوق العام، فضلا عن انتشار البعض ممن ينتمي الى منظمات المجتمع المدني يتبنى الترويج لنشر الثقافة الغربية المنبوذة والمشاريع التي تسيء الى عفّة المرأة العراقية وحيائها والثوابت الأخلاقية للمجتمع العراقي، فلماذا ذلك؟ لا نعلم.. عشرات الاعلانات من وزارة العمل ووزيرها بشمول قطاعات واسعة ممن هم تحت مستوى خط الفقر برواتب الرعاية الاجتماعية فيما تمتلئ الشوارع والأرصفة بالمتسولين وتستمر قناة الشرقية زاخرة باستعراض الفقراء وصدقات ومكارم سعد البزاز عليهم، فلماذا ذلك؟ لا نعلم… حتى المشاريع الخدمية والمجسرات التي تم افتتاحها أو تلك التي تنشأ حاليا إلا انها وللأسف الشديد تفتقر الى ارتقاء المستوى الثقافي العام لعموم المواطنين بما يوازي المتغيّر العام على الشارع من حيث الحفاظ على النظافة أو التعامل بما يليق ونوعية المنجز المتحقق، فضلا عما يعكّر المزاج العام ويفتح الباب على مصراعيه لأفواه زبانية البعث المقبور فيما يحصل من نكسات عمرانية وسقوط مقاطع من المجسرات قيد الإنشاء، فلماذا ذلك؟ لا نعلم.. منجزات كثيرة لكنها تختتم بنهايات سائبة من غير ضوابط نؤمن الديمومة وضمان النفعية العامة والنتائج الإيجابية المطلقة، فلماذا ذلك؟ لا نعلم.



