الشرع يقبل بما رفضه الأسد

بقلم: جمال واكيم..
ردّت الحكومة السورية الانتقالية، على الشروط الأمريكية لرفع العقوبات جزئيا عن سوريا. ووفقًا لوسائل إعلامية غربية، فقد رد رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع بالموافقة على مجمل هذه الشروط وفي طليعتها مراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية وتعهد السلطات السورية بألا تكون سوريا منطلقًا لتهديدات تطول المصالح الأمريكية أو الغربية، وأعلنت صراحة أن سوريا “لن تشكل مصدر تهديد لأية دولة بما فيها إسرائيل”.
جاء ذلك عقب لقاء الشرع برئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي ورئيس لجنة القوات المسلحة الأمريكية كوري ميلز اللذين زارا سوريا وبحثا مع السلطات الجديدة فيها، موضوع رفع العقوبات الغربية عن سوريا وموضوع السلام بين سوريا و”إسرائيل”. وقد قال ميلز عقب اللقاء: “أنا متفائل بحذر، وأسعى للحفاظ على حوار مفتوح مع الشرع.”
وقد أعلن ميلز لوسائل إعلام غربية عن أنه سينقل رسالة أحمد الشرع إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، علمًا أنه أبلغ الشرع بأنه “يتعين على سوريا تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، كشرط لرفع العقوبات الأمريكية عن دمشق.”
كذلك، فقد تعهد رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع بالتعاون مع واشنطن بمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، إلا أنه تحفظ على مطلب الإدارة الأمريكية بإخراج المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانبه ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، وجاء في نص الرسالة التي أرسلها إلى ترامب أنه تم “بحث مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأمريكي السابق، لكن الأمر يتطلب مشاورات أوسع”، حيث أكد أنه “لن يسمح للمسلحين الخارجين عن سيطرة الدولة بالعمل.” ووفقًا للرسالة السورية أيضًا، فقد “تعهدت دمشق بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.”
بمراجعة مضمون الرسالة التي أرسلها الشرع إلى ترامب، فإنه يتبين أن الرئيس السوري المؤقت قد قبل بكل المطالب الأمريكية التي سبق وطلبها كولن باول من الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2003 عقب الغزو الأمريكي للعراق. فعقب الاحتلال الأمريكي للعراق زار وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول دمشق والتقى الرئيس الأسد وطلب منه قطع علاقات سوريا مع إيران ووقف دعم المقاومتين اللبنانية والسورية ضد “إسرائيل” وإغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في دمشق، وإلا فإن واشنطن ستسعى لإسقاط الرئيس بشار الأسد والنظام السوري. في ذلك الوقت رفض الرئيس الأسد المطالب الأمريكية المرفقة بتهديدات واضحة، قائلاً له، إن هذه المطالب يمكن أن تفرض فقط في حال تمكُّن القوات الأمريكية المرابطة في العراق من احتلال دمشق.
ونتيجة ذلك الموقف، شنت واشنطن حرباً على سوريا، دامت عقدين من الزمن، كانت عاقبتها إخراج سوريا من لبنان في العام 2005 وعدوان تموز على لبنان في العام 2006 ثم الحرب التي شنت ضد سوريا بعد العام 2011 حلقات من هذه الحرب الأمريكية على بشار الأسد الذي رفض الانصياع لمطالبها والرضوخ لتهديداتها.
لكن بعد صمود لمدة عقدين من الزمن فقد كان من شأن سوريا، أن تتلقى الضربات من تحالف دولي، تشكل ضدها وضم الولايات المتحدة ومجمل الدول الغربية، إضافة الى تركيا وغالبية حكومات النظام الرسمي العربي، بالإضافة إلى الجماعات الارهابية التي جندت مئات آلاف المقاتلين لمحاربة النظام السوري.
ونتيجة هذه الحرب الشعواء، فقد قدر لسوريا أن تسقط في كانون الاول 2024، ليحل محل الرئيس بشار الأسد حكم مدعوم من الغرب وتركيا والنظام الرسمي العربي، ويأتي بمن يقبل بما رفضه بشار الأسد قبل عقدين من الزمن، وهو إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية ووقف دعم فصائل المقاومة ضد “إسرائيل” بذريعة أن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي كان بما فيها “إسرائيل”.