المحللون.. ظاهرة أم ضرورة؟

بقلم/ عمار ساطع..
لا أعرف بالتحديد كم هو عدد المحللين المُسجلين عندنا من أولئك المختصين في لعبة كرة القدم، ويمكن لهم أن يضعوا لحضورهم بآرائهم، بصمات في شاشات الفضائية.
حقيقة لا أعرف العدد الفعلي، لكنني يمكن أن أعتبر ظهورهم ظاهرة كسب فيها البعض رهان تواجده، وخسرها البعض الآخر كونه يعدُّ تواجده ضرورة ملحة، أكثر من أن يعدُّ ظاهرة بحدِّ ذاتها إن صح التعبير. لا يهم العدد زاد أو نقص، بقدر ما يكون فحوى التحليل وقيمته الفنية الناضحة وإقناعهِ عبر الأسلوب المبتكر والطريقة التي تُفسر ما عجز عنه المدربون أو ربما القدرة على صناعة خليط ناجح بين الفكرة وتنفيذها.
المحللون المختصون في مباريات كرة القدم، أصبحوا ظاهرة مهمة، شئنا أم أبينا ومؤثرة في الوسط الرياضي لدينا، غير أن هذه الظاهرة بحاجة ماسَّة إلى تأسيس صحيح ووضع شروط وضوابط ومعايير محددة للتجذيب والتصويب، على اعتبار أنهم جزء مهم من هذه اللعبة.
الكثير من الاعتبارات فقدت ثقلها الفعلي في فترة ظهور هذا العدد من المحللين الذين ترك بعضهم علامات استفهام عديدة في الفترة السابقة لظهروهم، بعد اهتمام أغلب القنوات بنقل المباريات وَاستضافة محللين، بيد أن الملاحظات كانت كثيرة ومهمة، منها تحول البعض بين ليلة وضحاها من مدرب إلى محلل دون المرور بدورات مهنية تختص بالتحليل.
صراحة.. أن بعض الفضائيات جلبت أسماء إدارية للعمل في مجال التحليل، ووصل الحال إلى أن البعض كسب ودّ لاعبين سابقين بعيدين كل البعد عن كرة القدم، لغايات وأهداف إنسانية أولاً، أو لإعادتهم إلى أجواء المنافسات والبطولات بدفعهم إلى الواجهة مجدداً بعد أعوام من الغياب.
إن التحليل في حقيقته هو محطة تتبع العمل التدريبي بأعوام عديدة، وتتسع رؤية المحلل فيها بأفكار أكثر تعمقاً إلى جانب توقعاته المُسبقة التي تمتزج في مخيلته فَيُجيب عن الأسئلة ويختصر المسافة ويختزل الحلول ويمضي بإسعافه للمتلقي بكم من المعلومات الغائبة بطريقة ناضجة.
أيها الإخوة.. التحليل مرحلة فنية تأتي بعد فرص التدريب العديدة، ولا يمكن أن يكون التحليل فرصة أو مجالاً لإعادة المحلل لِميدان التدريب..لأن بين هاتين المهمتين فوارق عديدة.
قد يعمل المحلل مدرباً.. لكن من غير المنطقي أن يصبح المدرب محللاً مباشرة من دون المرور بمحطات ودورات وورش عمل وَمُعايشات يكسب فيها خبرة بالتعرف إلى أدوات عمله وينال قسطاً من النضوج الفني المختلف تماماً عن التدريب.
نعم.. لدينا من المحللين من الذين نُصغي إليهم بقناعةٍ تامة وَبدرجات متفاوتة، لكن ليس الجميع مقنعاً وَبإمكانهم البقاء محللين، لأن البعض يدرك الفرق بين أن يعمل محللاً، أو أن يكون ضمن أجندة ضرورة وجود المحلل.
ـ ضربة جزاء ضائعةـ
لدينا أعداد من المحللين المختصين في كرة القدم، قد يتجاوز عددهم نصف سكان الوطن.. لأن أكثرهم يرفع شعار “أنا أفهم، أنا أعلم، أنا اُقيِّم”، وفي الحقيقة أن تحليلهم وصفٌ أكثر من أن يرتبط بالتحليل نفسه.



