اراء

غزة والقنبلة النووية!

بقلم/ آسيا العتروس..

 لم تكن قنبلة نووية بل قنابل أمريكية…  نقول هذا الكلام و في البال تصريحات صهر ترامب كوشنير حول غزة التي يبدو وكأنه يراها لأول مرة والحال أن جريمة الإبادة في غزة كانت تتم و منذ اليوم الاول على المباشر تحت أنظار العالم الذي اختار الفرجة و متابعة مسرح الموت اليومي في غزة تحولت الى عنوان للجحيم بتوقيع جيش نتنياهو ودعم حلفائه.

“كأن قنبلة نووية انفجرت هناك “…هكذا وصف غاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي ترامب  ومهندس اتفاقية إبراهام حال القطاع بعد أكثر من أسبوع على زيارته غزة مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، عقب دخول وقف الحرب حيز التنفيذ ..أو هذا ما نقلته الصحافة العبرية .. ولا نعرف تفاصيل زيارة كوشنير وأن كوشنير دخل غزة واشتم رائحة الموت و الدم في كل ركن فيها وتنقل بين  مدنها و لمس بأرجله ركام  بيوتها و مبانيها ومدارسها وجامعاتها ومستشفياتها و مساجدها و متاحفها وإنْ كان شعر وهو يمشي بين الركام بوجود  بقية من  هياكل عظمية وجثث مجهولة الهوية خلفها القصف على غزة والقنابل التي زودت بها واشنطن جيش الاحتلال تنتظر إكرامها، كما لا نعرف إنْ  كان كوشنير استمع  لصرخات غزة و أهلها وأنصت لحكايات وأوجاع  نسائها وأطفالها و أطبائها مع رحلة الموت الجماعي والابادة و لكن نعرف مصدر كل قنبلة سقطت على غزة و خلفت ما خلفته من موت و دمار فقد وفر ترامب لإسرائيل 22 مليارا من المساعدات العسكرية خلال سنتين من الابادة  .. ونكاد نجزم أن كوشنير الذي رفض وصف ما حدث في غزة بالإبادة شاهد ما سمح له جيش الاحتلال بمشاهدته و أن أنظاره توقفت عند  طوابير الفلسطينيين وهم يحملون ما أمكن و يعودون الى موقع بيوتهم لإقامة خيامهم هناك .. لم ينكر كوشنير حجم الخراب و الدمار الذي رآه في غزة و لكنه أنكر أن تكون هناك إبادة.. يقول كوشنير الذي عاد بالامس الى تل ابيب بعد أن خرق نتنياهو اتفاقية وقف اطلاق النار أن” الامر بدا كما لو أن قنبلة نووية فُجّرت في تلك المنطقة، ثم رأيت الناس يعودون أدراجهم.. فسألتُ الجيش الإسرائيلي: إلى أين يذهبون؟.. فقالوا لي إنهم يعودون إلى المناطق التي كانت فيها منازلهم المدمرة، إلى أرضهم، لينصبوا خيمة فوق الأنقاض”…ربما نسي كوشنير أنه كان قد طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي ناتنياهو بأن  يطرد الفلسطينيين من غزة .

اليوم يعود اسم كوشنير ليطفو على السطح لا كصهر الرئيس الامريكي و مبعوثه الى الشرق الاوسط و لكن أيضا كمهندس اتفاقية إبراهام و مخطط بنود الخطة التي ستؤسس لتوقيع وثيقة ترامب لاتفاق للسلام في شرم الشيخ و لكن ايضا كعضو في مجلس السلام المنصب لإدارة غزة ..و حديث كوشنير عن قنبلة غزة ليس بمعزل في الحقيقة عن المشهد الذي رسمه ترامب في الايام القليلة الماضية عبر خطابه في الكنيست الاسرائيلي والذي يجب التوقف عنده لاعتبارين أساسيين لم يحظيا بالاهتمام رغم خطورته أمام الاول وذلك بتصريح ترامب عن توفيره كل السلاح الذي كان نتنياهو يطلبه وإقراره علنا بأن “بيبي” كان يتصل به دائما و في كل مرة يطلب مزيد من الاسلحة  قال ترامب أنه “سيطبق السلام من خلال القوة، وأن لديه أسلحة لم يحلم بها أحد، وأن كثير من هذه الأسلحة قدمها لإسرائيل”. وأضاف في اعتراف علني أمام العالم  أن واشنطن زوّدت إسرائيل بكل هذه الأسلحة لتتمتع بالقوة الكافية لتحقيق السلام.. و قال ” كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتصل بي مراراً ويطالب بشتى أنواع الأسلحة”، معتبراً أن إسرائيل أحسنت استخدام الأسلحة الأميركية… كلام ترامب جاء بعد أن رأى و سمع صوت النائبين أيمن عودة وعوفر كسيف و هما يرفعان لافتةً كُتب عليها “اعترف بفلسطين”، قبل أن يتم طردهما من الكنيست .

ما يقوله مستشار ترامب  رجل الصفقات العقارية  عن غزة و القنبلة النووية , قد يبدو متناقضا مع تصريحات الرئيس الامريكي و خطابه غير المسبوق في الكنيست الاسرائيلي قبل الذهاب الى شرم الشيخ ..النقطة التالية التي لا تخلو من خطورة فتتعلق بحديث ترامب عن سيدة الاعمال اليهيودية ميريام أديلسون و مكمن الخطر ليس في ثورة هذه المرأة و تمويلها مع زوجها حملة الرئيس ترامب و لكن في دورها و تأثيرها على الرئيس الذي كشف بطريقة فجة  و استفزازية ومهينة ولا تليق برئيس أمريكي أنها من ألهمته الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لكيان الاحتلال و أنها من دفعته لنقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس و أنها وهنا النقطة الاخطر من  ابتكرت خطة للاعتراف بسلطة إسرائيل على هضبة الجولان السوري ..و لم يقف ترامب أمام هذا الحد بل أقر مازحا بأن ميريام أديلسون و زوجها كانا يترددان على البيت الابيض كثيرا …ايديلسون كانت أنشأت حركة “مكابي تاسك فورس”لتطويق حركة المقاطعة بي دي أي ..و هو ما يؤكد دور مال  اللوبي الصهيوني و هيمنته على صناعة القرار الامريكي بما يضع السياسة الخارجية الامريكية في المزاد العلني للجماعات الصهيونية المتغلغة في المؤسسات السياسية و الإعلانية و القانونية … أن يصف كوشنر غزة بأنها تبدو و كأنها تلقت لتوها  قنبلة نووية أمر عادي فقد سبق لبلده أمريكا أن قصفت ناكازاكي وهيروشيما و فيتنام والعراق وأفغانستان و لم يسبق أن أقرت أو اعترفت أو اعتذرت عن ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى