“السفانة” بين حالين

علي حنون..
كنتُ أشرتُ في مقال سابق وفي طروحات في منصات التواصل، إلى أن الركون إلى حكم بذاته حول توقعاتنا -نقاداً ومتابعين وجمهوراً- لحضور فريق في منافسات دوري نجوم العراق لكرة القدم، لا يُمكن أن يتم اعتماداً على استقرائنا لحال بعينها ومن خلال متابعة لمُخرجات معسكر تدريبي وانضمام وجوه جديدة إلى التشكيلة أو نتيجة لفوز في مباراة رسمية واحدة، لأننا في حال فعلنا وسوّقنا لقادم أفضل اعتماداً على ذلك ودون التروِّي والانتظار وتنفيذ مراقبة دقيقة، فإن سهام رؤيتنا لن تُصيب هدفها كوننا لم نُدقق ونتمحص بالكيفية المطلوبة للتقييم، وعندها أيضاً ستكون آراؤنا، التي نُطلقها في محطات أخرى قابلة للتشكيك طالما أن نظرتنا طالها شك الآخرون بنا، وتأسيساً على مُعطيات أفرزتها وجهة نظرنا السابقة، التي لم تحمل لنا التوفيق.
أتيتُ على ما أتيت عليه في السطور السابقة وأنا أشاهد فريق نادي الميناء، الذي خرج من المحطة الأولى لدوري نجوم العراق بانتصار على نفط ميسان وخسارة ثقيلة في محطته الثانية أمام ضيفه أربيل، بعدما كان عديد النقاد والمتابعين رسموا لوحة جميلة للفريق مُزدانة بجديد سيرافق حتماً -حسب رؤيتهم- رحلة (السفانة) في جولات النسخة الحالية، التي طرزوها بخيوط أُمنيات إيجابية كبيرة فور خروج الفريق من مباراة نفط ميسان بفوز جيد، دون الانتظار ومعرفة معلومات كافية ووافية لتكون رصيداً في حساب حكمهم ولتكون عندها وجهة نظرهم أقرب إلى الواقع، ومعها يقيناً ستظهر للجميع صورتهم البهية ويكونون موضع ثقة الآخرين ويجلسون في منزلة مهنية رفيعة.
نعم، وجدنا من الأزرق العتيد روحية جديدة بُعثت في جسد الفريق من خلال تعاقدات نجتمع جميعاً على جودتها لجأ إليها المدرب الجديد المثابر لؤي صلاح ووقفنا كذلك على الحماسة المتقدة في نفوس اللاعبين إلى جانب الدعم المادي والمعنوي، الذي تحظى به أسرة التشكيلة لا سيما من قبل رئيس الهيأة الإدارية الدكتور فرحان الفرطوسي، إلا أنه في كرة القدم ليس من الصائب أن تذهب باتجاه توقع يضعك في زاوية مُعينة بشأن رحلة الفريق حتى مع توفر معايير الاهتمام وحلقات الجودة الفنية، ذلك أن الفلاح في فعالية مثل كرة القدم يعتمد على عديد المقومات ومنها مدة الإعداد ونوعية فواصله ودرجة الانسجام بين اللاعبين وقدرتهم وسرعة استيعابهم الذهني للتوجيهات الفنية، التي يضعها المدرب وترجمتها إلى أداء خلال المباريات.
ومع ما ذكرنا، فإننا بطرحنا هذا لا نقصد التقليل من شأن الفريق وإمكانية نجاحه، لكننا فقط نُعاود التذكير بأنه ليس من الصواب والحكمة إعطاء حكم قطعي على رحلة أي فريق من خلال حضوره في جولة أو اثنتين، وإنما من المنطق والمسؤولية التمعن أكثر في مُؤشر عطاء التشكيلة من الناحيتين الفردية والجماعية، في محطات عدة وقراءة نسبة تصحيح الأخطاء من مباراة إلى أخرى والتركيز في مُؤشر الأداء البياني للفريق وعندها سيأتي الحكم أكثر دقة، وعلى العموم، فإننا نرى في الميناء إمكانية فنية جيدة ومع مرور المحطات وزيادة الانسجام ودخول اللاعبين في أجواء المنافسات ستظهر لنا صورة مُغايرة (للسفانة) وربما يصل أداء التشكيلة إلى حدود الصراع للحصول على مركز متقدم في لائحة النسخة الثالثة.



