كأس الملك لن تُخفي العيوب

زكي الطائي..
لم يُخفِ تتويج المنتخب الوطني لكرة القدم بطلاً لكأس ملك تايلند، ملامحَ التذبذب الفني الذي لازم الفريق طوال مشواره في البطولة. صحيح أنّ الكأس زُيِّنت بالألوان العراقيّة، إلا أنّ الأداء لم يكن على مستوى الطموح، إذ بدا المنتخب في بعض المباريات، متماسِكًا ومنضبطًا، بينما انكشف في أخرى، وترك علامات استفهام حول الاستقرار التكتيكي والجاهزيّة البدنيّة للاعبين.
الهجوم العراقي افتقد في أحيان كثيرة إلى التنوّع والفاعليّة، واكتفى بالاعتماد على الكرات الفرديّة، فيما عانى خط الوسط، فقدان السيطرة على إيقاع اللعب. وحتى خطّ الدفاع، برغم بعض اللحظات الجيّدة، أظهر ثغرات كادت أن تكلّف المنتخب الكثير، هذا التناقض في المستويات يعكس الحاجة الملحّة إلى مراجعة شاملة من الجهاز الفني لتثبيت الأداء والارتقاء بالانسجام بين خطوط الفريق.
إلى جانب الجانب الفني، برزت حادثة مؤسفة حين أساء المهاجم مهند علي إلى قائد المنتخب التايلندي، في مشهد لا يليق بالروح الرياضيّة ولا بتأريخ الكرة العراقيّة، مثل هذه التصرّفات الفرديّة، مهما كان سياقها، تُسيء إلى سُمعة المنتخب وتشوّه صورة الإنجاز.
الكرة العراقيّة لا تحتاج فقط إلى الانتصارات، بل إلى قيم الانضباط والاحترام، وهي مسؤوليّة تقع على عاتق اللاعبين قبل غيرهم.
إن الفوز بكأس ملك تايلند يبقى إنجازًا يستحق الاحتفال، لكنه في الوقت نفسه جرس إنذار، فاللقب يجب أن يكون حافزًا لتصحيح المسار وتثبيت المستوى الفني، لا غطاءً يُخفي العيوب، أمّا فيما يتعلّق بالانضباط، فإن المنتخب بحاجة إلى وقفة جادّة مع لاعبيه، فالألقاب تُصنع بالمهارة والالتزام معًا.
نتمنّى أن يكون المدرب “غراهام أرنولد” على مستوى لاعبيه ليستثمر الفائدة الفنيّة من البطولة قبل لقبها، لضمان استقرار الأداء في المباراتين المقبلتين المهمّتين أمام إندونيسيا والسعوديّة ضمن المُلحق الآسيوي، وعلى الاتحاد، أن يوبّخ بعض اللاعبين الذين يحتاجون فعلاً إلى تأهيل نفسي لتجاوز حالات التهوّر التي رافقتهم أثناء هذه البطولة الوديّة، منعًا لتكرار مثل هذه المواقف غير اللائقة بسُمعة الكرة العراقيّة في المحافل الدوليّة.



