اراء

فلسفة وجود الحشد

ماجد الشويلي..

لَقَد ثَبُت بالدليل القاطع، أنَّ القانونَ الدَولِي ليسَ بِوُسْعِهِ مَنْعُ الحُرُوبِ، أو الاعتداء على الدول المستقلة .
نَعَمْ، يُمْكِنُهُ أنْ يُشِيرَ إلى المُعْتَدِي ويَفْرِضَ علَيْهِ عُقُوبَاتٍ مُحَدَّدَةٍ، وفي حَالاتٍ مُعَيَّنَةٍ يُصَارُ إلى تَشْكِيلِ تَحَالُفَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ لِمُعَاقَبَته وإعَادَةِ الأُمُورِ إلى نِصَابِهَا الصَّحِيحِ، فِي حَالِ كَانَتْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ لِلدُّوَلِ العُظْمَى، وَإِلَّا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَحْدُثَ مطلقًا .
وكُلُّ هَذَا فِيمَا سَبَقَ، أَمَّا الآنَ، فَالقَانُونُ الدُّوَلِيُّ لَمْ يَعُدْ بِمَقْدُورِهِ الدِّفَاعُ عَنِ الضُّعَفَاءِ، أو مَنْعُ تَعَرُّضِهِمْ لِلْإِبَادَةِ الجَمَاعِيَّةِ، بَلْ إِنَّ الدُّوَلَ العُظْمَى غدت تُشَارِكُ فِي العُدْوَانِ على الشعوب المستضعفة، وَتُشَرْعِنُ جَرَائِمَهَا، وَتَخْلُقُ لَهَا آلَافَ المُبَرِّرَاتِ.
وَلِذَا، فَعَلَى الدول أَنْ تَحْمِيَ نَفْسَهَا بِنَفْسِهَا، وَأَنْ تُضَاعِفَ مِنْ قُدْرَاتِهَا وَقُوَّتِهَا، وَأَنْ لَا تَقِفَ عِنْدَ الأَسَالِيبِ التَّقْلِيدِيَّةِ فِي هَذَا الدِّفَاعِ كَالجَيْشِ وَالشُّرْطَةِ، مَعَ كُلِّ الاحْتِرَامِ لِدَوْرِهِمَا، وَلَكِنَّ الوَاقِعَ أَثْبَتَ أَنَّ حَجْمَ المَخَاطِرِ وَطَبِيعَتَهَا تَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ هُنَاكَ قُوَّةٌ رَدِيفَةٌ، ذَاتُ بُعْدٍ شَعْبِيٍّ وَعَقَائِدِيٍّ، فَهِيَ وَحْدَهَا القَادِرَةُ عَلَى الصُّمُودِ، وَضَمَانَةُ حِمَايَةِ الأَوْطَانِ.
وَقَدْ رَأَيْنَا بِأُمِّ أَعْيُنِنَا كَيْفَ أن الجُيُوشُ لم تحمِ شُعُوبَهَا، وَلَمْ تَمْنَعْ تَقْسِيمَ أَوْطَانِهَا، كَمَا حَصَلَ فِي العِرَاقِ إِبَّانَ الِاحْتِلَالِ الأَمْرِيكِي، وَفِي السُّودَانِ وَلِيبِيَا، وَمَا يَحْدُثُ اليَوْمَ فِي سُورِيَا وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى