اراء

أن تكون إعلامياً..يعني أن تكون مقاتلاً بالكلمة..!

د. سوزان زين ..

لم تعد الفاجعة في زمننا تُخفى عن أحد، ولا الجريمة تمرّ دون أن توثقها عدسة، أو يوثقها وجع حيّ عبر منصات الأخبار ووسائل التواصل، لقد غيّرت وسائل التواصل مشهد الوعي والواجب، لم يعد بمقدور أحدٍ أن يتجاهل المجازر، أو يشيح بوجهه عن المعاناة، أو يدفن رأسه في تفاصيل الحياة اليومية.

نحن نشاهد الجريمة فور وقوعها، نسمع أنين الأطفال في غزة وهم يحتضرون جوعاً، نرى الدمار لحظةً بلحظة، ونعرف كل شيء.. ومع ذلك، نجد أنفسنا عاجزين، حائرين، ومثقَلين بألم لا نملك له سوى الدعاء أو النشر أو الغضب.

في السابق، كانت الفواجع تمرّ على الأمة بعد زمن، بعد أن يهدأ صراخها وتغيب مشاهدها، أما اليوم، فنحن أمام الحقيقة العارية لا حواجز ولا أعذار، وكأن هذا الانكشاف قد حمّلنا مسؤولية أخلاقية وشرعية تفوق ما تحتمله النفوس.

هل يكفي أن نتابع ونبكي؟ هل يُعذر الإنسان إن اكتفى بالشعور؟ هل هذا ما يُطلب من «أمة شاهدة»؟

إن الدعاء مهم وإن النشر صرخة، ولكن لا بد من التحوّل إلى الفعل من خلال ضغط إعلامي، حضور تعبوي، مواقف سياسية، ومبادرات مجتمعية، لا يجوز أن يصبح الألم عادة، ولا يصح أن يتحوّل التفاعل مع الدماء إلى مجرّد «ترند».

فلتكن أقلامنا سيوفاً، وقلوبنا ساحة للثبات، ولنحمل عن غزة جزءاً من الألم بالفعل، لا بالكلمات فقط، ولهذا قال شهيد الأمة الإسلامية سماحة السيد حسن نصر الله (رض): « نحن نخوض حرباً إعلامية، فيها الكلمة تقاتل، وفيها الصورة تقاتل، وفيها الصوت يقاتل، ونحن بحاجة إلى كل الجهود في هذا الميدان ».

الإعلام المقاوم هو السلاح الذي يفضح جرائم العدو ويثبت رواية المظلوم، ويزرع الوعي في العقول المتعبة من التضليل.

الإعلام المقاوم يردّ على صواريخ الإحتلال بأصوات الحقيقة، ويواجه ملايين الدولارات من الحملات الصهيونية بكلمة صادقة من شاب حرّ خلفه هاتف.
إذا أردت أن تكون إعلامياً في زمن الهيمنة، فكن مقاتلاً، لا تكن ناقلاً فقط، تعرف متى تصمت ومتى تصرخ، ومتى تكون الكلمة سهماً يصيب العدو في قلبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى