اراء

كارثة نسيان المهندس وصاحبه سليماني

بقلم : منهل عبد الأمير المرشدي..
في ذاكرة الأوطان صفحات لا تُطوى وفي ذاكرة الشعوب رجال لا تُنسى وفي سفر الأرض ملامح لا يمحوها الزمان . من بين تلك الملامح يبرز في عصرنا الحديث وجه الشهيدين القائد أبو مه// دي المهندس وصاحبه الجنرال قاسم // سليم// اني اللذين أطلّا على الحاضر العراقي بشرف قيادة ملحمة النصر على الدوا//عش إثر فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية العليا . لقد عاش الشهيدان للكرامة ورحلا في سبيل الحقيقة ووقفا بين ركام الأيام شاهدين على أن البطولة لا تورث بالاسم بل تُكتسب بالدم وتُحفر بالسعي وتُخلد بالتضحية . لم يهادنا ظالما ولم يسلّما راية حق ولم يساوما الباطل أو يغازلا الشيطان الأكبر . لقد ظل الشهيدان يمشيان كأنهما حشد من الرجال ويقاومان العدو كأنهما سرايا من الأبطال ويؤمنان كأنهما يحملان قلوب كل مظلوم ومضطهد . حين تفتح دفاتر سيرتهما تتضوع منها رائحة الإيمان ويشع منها ألق الشجاعة ويرفرف فوق صفحاتها جناح التواضع فتعرف أنك أمام رجال جسدوا معنى القيادة لا بسلطان القوة بل بسلطان القيم فصاغتهم المعاناة وصاغوا للأمة معنى الصمود . كان الشهيدان يفهمان أن الوطن ليس شعارات تُرفع بل أرواح تبذل وأن الأرض ليست حدودا ترسم بل تأريخا يصان وأن العدالة ليست خطابا يُلقى بل موقفا وصرخة بوجه الطغاة . لم يخضعا لقوى الاستكبار التي استهدفتهما فكانا في المواجهة علما وفي الثبات قمة يبصران في الخوف موتا صامتا وفي المواجهة حياة ناطقة . لقد واجه الشهيدان قوى الاستكبار بابتسامة الواثق وكسرا شوكة الظلم بثبات المؤمن وصنعا بصمودهما وشهادتهما مدرسة يتعلم منها كل من أراد الحرية نهجا وحياة . إنهما مصداق بطولة سرمدية لم تغب ونزاهة لم تدنّس وتواضع يأسر القلوب . لم تغرِهما الدنيا حتى جاءت لحظة الارتقاء في شارع المطار والتي لم تكن دمعة على خد الأرض بل كانت ختما إلهيا على صفحة حياتهما . لم تكن خسارة بل كانت ولادة جديدة لأسطورة ستروى ما بقيت الحكايات . رحل الجسدان لكن بقيت روحهما تسكن الطرقات التي مشيا فيها والجبهات التي انتصرا فيها والقلوب التي أحبتهما والدعوات التي ترفع اسميهما في كل ليلة . رحلا لكنهما تركا أثرا لا يمحى ودرسا لا ينسى ورسالة لا تتبدل . سلام لهما يوم ولدا ويوم استشهدا ويوم يبعثا حيَّين شهيدين وشاهدين مع الأولياء والصديقين . ولكن والى أمة الحسين عليه السلام نقول حذارِ من النسيان أو التناسي أو الجهل أو التجاهل لهاتين القامتين اللتين وصفتهما المرجعية الدينية العليا إثر استشهادهما بالأبطال قادة النصر . فسلام لقامات صنعت المجد وصنعت الأمل وسيرة ستظل في سجل الأمة شاهدا على أن الرجال العظام يولدون مرة لكنهم يُبعثون في الذاكرة بما لا يُعد ويُحصى حتى يوم يبعثون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى