غزة تمنع (ترامب) من حضور قمة العشرين في جنوب افريقيا

بقلم/ محمود الهاشمي..
المعلن في عدم حضور الرئيس الاميركي ترامب الى قمة العشرين المنعقدة في جوهانسبرغ في جنوب افريقيا بدعوى اتهامات وانتهاكات لحقوق الأقلية البيضاء في جنوب افريقيا ” تجاه “المزارعين البيض” (الأفريكان)، وادعاء ترامب إن أراضيهم تُصادر ويُقتلون ثم كتب ترامب على منصته سوشيال “إنه لأمر مخز تماما أن تعقد قمة مجموعة الـ20 في جنوب أفريقيا”. وأضاف “لن يحضر أي مسؤول حكومي أميركي ما دامت هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان مستمرة”.
ولانعرف سببا لنعت القمة بالأمر (المخزٍ) كونها عقدت في دولة مثل جنوب افريقيا بتاريخها التحرري الكبير وفن ادارتها للمؤتمرات والقمم.
ومن الغريب ايضا ان يطالب الرئيس الاميركي ترامب المشاركين بالقمة بعدم اصدار بيان ختامي كي يفشل القمة ويفقدها احد مصادر قوتها، وان كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، خلال مؤتمر صحفي مع قادة الاتحاد الأوروبي قبل انعقاد بيوم قال إن الولايات المتحدة طلبت في اللحظات الأخيرة صيغة خاصة للمشاركة في القمة، رغم إعلان الرئيس الأميركي مقاطعتها.
وأكد رامافوزا أنه لا يرغب في “تسليم الرئاسة الدورية إلى “مقعد فارغ”، في إشارة رمزية تعكس تعقيدات العلاقة بين بريتوريا وواشنطن في ظل انتقادات ترامب.
صحيح ان أبرز الغائبين عن اجتماع قمة الـ20:الرئيس الصيني شي جين بينغ، وسيمثله رئيس الوزراء لي تشيانغ. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل مذكرة توقيف دولية بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، مما يلزم جنوب أفريقيا قانونيا باعتقاله في حال حضوره، وسيمثله ماكسيم أورشكين.
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الحليف المقرب لترامب، سيمثله وزير الخارجية بابلو كويرينو.
الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو ألغى رحلته بعد اختطاف 25 فتاة من مدرستهن وسط أزمة أمنية.
رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم لن تحضر بسبب ارتباطات داخلية، وسيمثلها وزير الخارجية خوان رامون دي لا فوينتي اي ان من غاب ارسل من يمثله او له عذر مقبول مثل الرئيس الروسي اما الرئيس الارجنتيني فهذا لاقيمة تعرف له ان غاب او حضر ويكفيه انه يسمى (ترامب الصغير )!.
جنوب أفريقيا من جهتها تسعى لاستغلال القمة لتسليط الضوء على قضايا تمس دول الجنوب العالمي، أبرزها: معالجة التفاوتات الاقتصادية وتحسين تمويل التنمية للدول الهشة.
زيادة الإنفاق على تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث المناخية.
رفع حجم التمويل المناخي من الدول الغنية إلى الفقيرة.
تحسين إعادة هيكلة الديون وتخفيفها للدول الفقيرة.
حماية المجتمعات المحلية والدول المصدرة للمعادن الحيوية وسط تنافس القوى الكبرى على الموارد الأفريقية.
ويرى خبراء أن القمة، رغم المقاطعات، تمثل لحظة مهمة لأفريقيا والدول النامية،
حيث اكد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في الجلسة الافتتاحية، أن القمة تمثل فرصة لتعزيز الشراكة والتعاون بين الدول للتوصل إلى حلول مشتركة للأزمات والمشكلات العالمية، وشدد على أن التفاهم والتعاون الدولي شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة.
ودعا رامافوزا إلى العمل المشترك لتعزيز التنمية الاقتصادية والحد من مخاطر التغير المناخي، مشيرا إلى ضرورة إطلاق الاستثمارات في البلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
كما طالب رئيس جنوب أفريقيا مؤسسات التنمية الدولية بزيادة الموارد لإغاثة المناطق المنكوبة، والعمل على إنهاء النزاعات المسلحة حول العالم.
وأضاف أنه من الضروري وضع حد للفقر والبطالة، خاصة في دول الجنوب، مؤكدا أن القمة تحمل آمال القارة الأفريقية في تحقيق مستقبل أفضل، كما اشار الى ان المشاركين اجمعوا على اهمية اصدار بيان ختامي للقمة .
اما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فاكد للقادة المشاركين في القمة، إن المجموعة التي تضم اقتصادات عالمية رئيسية، باتت في خطر” في ظل الصعوبة البالغة في مساعيها لمعالجة الأزمات الدولية، مشيرا إلى أن “مجموعة العشرين قد تكون على مشارف نهاية دورة”.
وأضاف “نواجه صعوبة بالغة في حل الأزمات الدولية الكبرى حول هذه الطاولة، معا، بما في ذلك مع الأعضاء غير الحاضرين هنا اليوم”، محذرا من أن “مجموعة العشرين معرضة للخطر إذا لم نتحرك جماعيا لتحقيق بعض الأولويات”.
خبراء اكدوا انه ليس من صالح الولايات اعلان المقاطعة لقمة العشرين لان دولة بحجم جنوب افريقيا تمثل رمزية كبيرة لافريقيا عموما خاصة وانها الاولى التي تعقد على ارض قارتهم السمراء ،كما اشاروا ان جنوب أفريقيا هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في القارة الأفريقية، وامريكا هي ثاني أكبر وجهة لصادرات جنوب أفريقيا، ،بالتوازي ، ستسارع الدول المنافسة لأمريكا من قبيل روسيا والصين الى إصطياد اية فرصة في حال اتسع الشرخ بين الجانبين، وما سيتمخض عن ذلك دون شك هو تعزيز مكانة جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس على الاقل .
في ذات الوقت أن تغتنم جنوب أفريقيا التي تتمتع بموقع مؤثر في الإتحاد الأفريقي هذه الفرصة لمواجهة التصرفات الأحادية للولايات المتحدة، وتوافق على خطط للحد من الدور الامريكي والتغلغل الاسرائيلي في أفريقيا.
الموقف الوحيد الذي يجعل الولايات المتحدة في ظل حكومة ترامب ان تقفز على مصالحها هو رغبتها بالوقوف مع اسرائيل وللاسباب الاتية :-
١-جنوب أفريقيا تبنت موقفًا قويًا من غزة: رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل تتهمها بـ “جرائم إبادة جماعية” في غزة.
٢-الحكومة الجنوب أفريقية عبرت مرارًا عن تضامن مع الشعب الفلسطيني، وتنتقد السياسات الإسرائيلية بشدة.
٣-الرأي العام في جنوب أفريقيا أيضًا يُظهر دعمًا كبيرًا للقضية الفلسطينية.
٤- ترامب طالما انتقد جنوب أفريقيا لأنها “تأخذ مواقف عدائية” تجاه إسرائيل، وهذا يُمثّل نقطة خلاف دبلوماسي.
٥-انزعاج ترامب مرتبط بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية،واصدار الولايات المتحدة عقوبات بحق (٤ )قضاة في محكمة العدل الجنائية الدولية الدولية بسبب موقف المحكمة من الابادة الجماعية لشعب غزة واصدار امر قبض بحق رئيس وزراء الكيان الصهيوني (نتنياهو).
وبذا من حقنا ان نقول ان الدعم الامريكي الاعمى لاسرائيل، وعلاوة على انه يلحق خسائر اقتصادية كبيرة بواشنطن، بات اللعنة التي دمرت مكانة أمريكا أمام الرأي العام العالمي،حيث ليس من مصلحة دولة بحجم الولايات المتحدة ان تغيب عن هكذا قمة في قارة بدات الغرب وامريكا يفقدون مواقعهم فيها وان حضورهم -على الاقل-يمكن ان يجدد روح العقيدة الغربية التي حكمت لقرون في هذه القارة وان كان يمثل تاريخا من الاستعمار والقتل ونهب الثروات والعبودية .
هناك من يرى ان ترامب في عدم حضوره لقمة العشرين في جنوب افريقيا بمثابة رسالة الى اصحاب البشرة البيضاء بالعالم بانه مناصر لهم خاصة من هم في داخل الولايات المتحدة كجزء من حملته الانتخابية المقبلة او لتسويق نفسه امام جماهيره بهذه التوجهات لذا كرر ترامب (عدم حضورنا لقمة العشرين بسبب اتباع حكومة جنوب افريقيا سياسات عنصرية ضد البيض)،ومهما كانت الاسباب والدواعي فان قمة العشرين ستواصل اعمالها بجنوب افريقيا بحضور متميز سواء حضرت اميركا او لم تحضر وستصدر بيانا في ختام القمة .



