اخر الأخبارثقافية

“بغداد خارج بغداد”.. فيلم يستحضر الزهاوي والرصافي والسياب على الشاشة

قررت لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، عرض الفيلم العراقي “بغداد خارج بغداد” للمخرج قاسم حول، في قاعة السينما بمقر المؤسسة بجبل عمان. ويدخل قاسم حول في فيلمه الى العراق من بوابة جديدة تفتح له ذاكرة ماضي وطن استوعب منذ تشكله كدولة حديثة في القرن العشرين الماضي، منجزات الحضارة المعاصرة، وبرز فيه من ذلك الوقت، العديدُ من المبدعين في شتى المجالات الأدبية والفنية والذين يركز الفيلم على البعض منهم وتنبني حكايات الفيلم المتنوعة من خلالهم: الشاعر جميل الزهاوي والشاعر معروف الرصافي والشاعر بدر شاكر السياب.

في تقديمه لحكايات أولئك المبدعين والذي تنتهي حكايات كل واحد منهم بموته ودفنه، يقصد المخرج أن يجعل من كل حكاية مرثاة لمبدع رحل عن الدنيا، وهو رحيل عزائه الوحيد أنهم دفنوا في أرض العراق، وهو عزاء يحيل المشاهدين إلى الواقع المؤلم الذي يعاني منه المبدعون العراقيون في الزمن المعاصر حين يضطرون للموت في الغربة.

وللتعبير عن هذه الفكرة، يقدم المخرج واحداً من أجمل المشاهد وأكثرها تأثيراً، وهو مشهد دفن بدر شاكر السياب. في المشهد الأول نرى السياب في سيارة أجرة متجها للكويت بحثاً عن عمل بصحبة سائق لا يعرف من هو السياب. في المشهد الثاني، نرى السائق نفسه بعد سنوات عائداً بصحبة شخص كويتي صديق للسياب، مصطحبين معهما جثمان الشاعر الراحل.

يقصد المخرج أن يجعل من كل حكاية مرثاة لمبدع رحل عن الدنيا، وهو رحيل عزائه الوحيد أنهم دفنوا في أرض العراق وقبل تقديمه لحكايات هؤلاء المبدعين يفتتح المخرج فيلمه بحكاية جلجامش الشخصية الأسطورية العراقية الباحث عن الخلود والخائف من مصيره المحتوم بعد موت صديقه أنكيدو، وكأن المخرج بذلك يسعى لإيجاد الخط الواصل ما بين مراحل الحزن العراقي عبر التأريخ، ولا يتبع المخرج بنية درامية سردية تقليدية، بل يقدم مشاهد منفصلة إنما يجمعها الحس العام والموضوع المشترك، بحيث تنتمي بنية الفيلم العامة إلى الشعر ما يجعل من الممكن اعتبار الفيلم قصيدة رثاء سينمائية خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار عناية المخرج الفائقة بجماليات التصوير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى