حكومة كردستان تتقاسم سرقات النفط مع الشركات المنتجة

كلفة الاستخراج في الإقليم تفوق غيرها
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
أثارت الفوارق الكبيرة في كلفة استخراج النفط بين إقليم كردستان ومحافظات الجنوب، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية العراقية، حيث اعتبرت جهات نيابية، أن ما يحدث يمثل ازدواجية مقلقة ومجاملة واضحة للإقليم على حساب الجنوب ومصلحة الدولة.
وتشير المعلومات، إلى أن كلفة استخراج البرميل الواحد في كردستان تصل إلى نحو ستة عشر دولاراً، بينما لا تتجاوز في محافظات الجنوب ستة دولارات فقط، وهو فارق يعكس تفاوتاً صارخاً في إدارة العقود النفطية ويطرح تساؤلات كبيرة حول أسلوب الرقابة الحكومية على الإقليم.
وأكد برلمانيون، أن “هذا التفاوت ليس مجرد مسألة مالية، بل إنه يعكس ازدواجية في المعايير ومجاملة للإقليم الذي يواصل رفع كلفة الإنتاج بشكل مبالغ فيه، مستغلاً المماطلة والتسويف في تقديم البيانات المالية الدقيقة عن الإنفاق الفعلي في حقول النفط، مبينين، إن الحكومة رغم امتلاكها كل أدوات الرقابة، تميل إلى التهاون تُجاه الإقليم، بينما تفرض معايير صارمة على محافظات الجنوب، ما يجعل المحافظات الجنوبية، واقعة تحت مظلمة كبيرة، نتيجة للسياسات الحكومية الفاشلة في التعامل مع الملف النفطي.
فيما أشار مختصون إلى أن الشركات الأجنبية في كردستان غالباً ما تستفيد من هذه المماطلة والتسويف، حيث يمكنها رفع التكاليف وتجاوز المعايير الاقتصادية المتعارف عليها وفق حجج وبراهين مزيفة، فيما يعاني الجنوب، التزامات صارمة بالمعايير الاقتصادية، رغم امتلاكه ثروات نفطية هائلة تغذي خزينة الدولة، وأضافوا، أن استمرار هذا الوضع يضع العراق أمام معضلة حقيقية في إدارة ثرواته النفطية، ويخفض العائد الفعلي للميزانية العامة، ويهدد الاستقرار المالي للدولة على المدى الطويل.
وبحسب مختصين، فإن ازدواجية الكلفة هذه تضع الجنوب في موقف غير منصف، حيث يلتزم بالإنتاج على وفق المعايير المعتمدة ويحقق كفاءة اقتصادية عالية، بينما يجبر على تحمل الفارق المالي الناتج عن كلفة الإقليم المرتفعة، مؤكدين، أن هذا الأمر يثير غضب المواطنين، الذين يرون أن ثرواتهم تدار بشكل غير عادل، وأن الجنوب يدفع ثمن الانضباط والالتزام، بينما يستفيد الإقليم من محاباة حكومية واضحة.
ومن جانب آخر، أشار مراقبون إلى أن الحلول تتطلب إرادة سياسية قوية، ومراجعة دقيقة لجميع العقود النفطية في كردستان، مع فرض رقابة صارمة على جميع مراحل الإنتاج والتصدير والتكاليف، بما يضمن تحقيق العدالة بين جميع المناطق النفطية، كما شددوا على ضرورة منع أي تجاوزات أو مجاملة للإقليم، وضمان أن تكون جميع العقود على وفق معايير شفافة وواضحة، ليتمكن العراق من استثمار ثروته النفطية بالشكل الأمثل دون خسائر غير مبررة.
وحول هذا الموضوع، أكد المهتم بالشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “ما يحدث في إدارة الثروات النفطية، يعكس ازدواجية واضحة في سياسات الحكومة ويثير القلق من ناحية العدالة والكفاءة”، مبيناً، ان “السماح لشركات أجنبية باستخراج النفط في كردستان بتكلفة 16 دولارًا للبرميل، بينما يتم استخراج البرميل نفسه في الجنوب بـ6 دولارات، يشير إلى فقدان العدالة في توزيع الموارد وهدر جزء كبير من العائدات الوطنية، وتقويض القدرة على الاستثمار في الخدمات والبنية التحتية”.
ولفت الى ان “هذا الفارق يعكس ضعف السيادة الاقتصادية ويمنح الشركات الأجنبية، أفضلية كبيرة على حساب الدولة، كما يكشف عن ازدواجية سياسية واضحة تؤدي إلى تبديد الثروة وزيادة التفاوت بين المناطق، مؤكدا، ان الحكومة بحاجة إلى توحيد سياساتها النفطية وضمان اتفاقيات عادلة وشفافة تحمي المصلحة الوطنية والمواطن العادي، على حد سواء”.
وفي إطار الاتفاق النفطي بين بغداد وإقليم كردستان الذي حدث مؤخراً، وبحسب المراقبين، انه لم يأتِ بمعزل عن ضغوط خارجية، وما هو إلا محاولة لتقليل التوترات بين الطرفين بدافع انتخابي، لكنه لا يعالج بشكل كامل الاختلاف الكبير في تكاليف الإنتاج وسياسات إدارة الثروات النفطية بين أربيل وبغداد.



