اخر الأخباراوراق المراقب

الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة

رُوي عن الإمام الصادق عن آبائه “عليهم السلام” عن رسول الله “صلى الله عليه وآله”، ان “اَلصَّوْمَ فِي اَلشِّتَاءِ اَلْغَنِيمَةُ اَلْبَارِدَةُ”.

وفي البحار “اَلْغَنِيمَةُ اَلْبَارِدَةُ اَلصَّوْمُ فِي اَلشِّتَاءِ”. كما رُوي عن الإمام الصادق “عليه السلام”، ان “اَلشِّتَاءُ رَبِيعُ اَلْمُؤْمِنِ يَطُولُ فِيهِ لَيْلُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِيَامِهِ، وَيَقْصُرُ فِيهِ نَهَارُهُ فَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى صِيَامِهِ”.

الغنيمة في الأصل ما يؤخذ في الحرب والجمع غَنائم، وتأتي بمعنى الكسب والربح، وفي القرآن الكريم، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ …﴾، و﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وغنيمة باردة بمعنى فائدة أو منفعة سهلة، والصائم في الشتاء يكسب الأجر والثواب بسهولة وبدون مشقة كبيرة.

والرواية بها دعوة وترغيب واغتنام عبادة الصوم في أيام الشتاء قصير النّهار مع عدم الشعور بالجوع كثيرا، وقليل الساعات مع عدم الجهد الكثير، ومع سهولة التحمّل، وفي أيامه الباردة مع عدم الشعور بالعطش، فهو غنيمة من جهة أنّ الصائم في الشتاء يحصل الأجر والثواب دون تعب كبير ومشقة، كأنّه غنيمة تؤخذ دون مقابل من جهد ومشقة.

وفي لياليه فرصة لاغتنام العبادة والاجتهاد في المستحبات والنوافل مع طول الليل وليس ذلك في الصيف، إذ أنّ ليله قصير وصيام نهاره أكثر جهدا ومشقة.

ففي الشتاء فرصة لمن عليه أيام قضاء صوم واجب من شهر رمضان وقضائه، لمن كان مريضا أو مسافرا فأفطر في شهر رمضان، أو صيام الكفارة، أو صيام واجب بالنذر أو اليمين أو العهد، أو صيام واجب بالإيجار، ومطلق القضاء والاستحباب والنيابة فإنّ أيام الشتاء فرصته الكبرى للصوم.

وكذلك في الشتاء فرصة وغنيمة كبيرة للباحثين عن الصوم المستحب، وهو كثير ومنه الصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم شهر رجب، وشهر شعبان، ويوم الغدير، ويوم مولد النبي “صلى الله عليه وآله”، ويوم بعثه، ويوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة، ويوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء، ويوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.

وأقصر مدة للنهار وأطول مدة للّيل خلال السنة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في شهر 12 ميلادي، يوم 21 ولكن ليس دائما ويمكن أن يحدث قبله أو بعده بساعات، وتسمى الليلة بليلة الانقلاب الشتوي ويحتفل بها الإيرانيون وتسمّى شب يلدا، وهي الليلة الأطول من السنة، ويقومون ببعض العادات والمراسيم الخاصة.

فمن يشق عليه صوم النهار الطويل ويريد أن يغتنم الصيام مع قصر النّهار فليترقب أو يترصد هذه الأيام من شهر 12 ميلادي للصوم، يعني يوسط يوم 21 كانون الاول ويصوم قبله وبعده، فمن عليه صوم 20 يوما يغتنم صيامها من 10 كانون الاول إلى 30 أو نهايته، ويكون بهذا أيضا قد ختم سنته الميلادية بالصوم والعبادة.

وللصوم فوائد صحية كبيرة ويُذكر في هذا، أنّ الصوم يساعد في منع الإصابة ببعض المشكلات الصحية، مثل ارتفاع الكوليسترول في الدم وأمراض القلب والسمنة، ويساعد في حرق الدهون، فللصوم جوانب صحية مهمة، ومع قلة النشاط والحركة في الشتاء وخاصة في البلدان الباردة، فإنّ الصيام يقوم بدور وظيفي كبير في التخلص من السموم، وتقليل حدوث الأمراض والجلطات.

وفي مقابل هذه الغنيمة وهي الصوم في الشتاء وهو تعبير عن السهولة، روي ما يعبر عن المشقة والجهاد في الصيف، فعن رسول اللَّه “صلى الله عليه وآله”: «الصَّومُ في الحَرِّ جِهادٌ»، وعن الإمام الصّادق “عليه السلام”: «أفضَلُ الجِهادِ الصَّومُ في الحَرِّ”.

وفي حديث المعراج في الرواية عن ميراث الصوم، عن النبي صلى الله عليه وآله، “قَالَ يَا رَبِّ مَا أَوَّلُ اَلْعِبَادَةِ، قَالَ أَوَّلُ اَلْعِبَادَةِ اَلصَّمْتُ وَاَلصَّوْمُ، قَالَ يَا رَبِّ وَمَا مِيرَاثُ اَلصَّوْمِ، قَالَ اَلصَّوْمُ يُورِثُ اَلحِكْمَةَ، وَاَلحِكْمَةُ تُورِثُ اَلْمَعْرِفَةَ، وَاَلْمَعْرِفَةُ تُورِثُ اَلْيَقِينَ، فَإِذَا اِسْتَيْقَنَ اَلْعَبْدُ لاَ يُبَالِي كَيْفَ أَصْبَحَ بِعُسْرٍ أَمْ بِيُسْرٍ”.

اَللّـهُمَّ وفقنا للصيام والقيام، اَللّـهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ، الْغَنيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ اِثْم، كما ورد في تعقيبات صلاة الظهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى