كتل سُنية تستغل الانقسامات لتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة

من الشحن الطائفي إلى القتل
المراقب العراقي/ سيف الشمري..
من الطبيعي حصول منافسة شرسة بين الكتل السياسية المرشحة للانتخابات، وقد شهدنا العشرات من حملات التسقيط طيلة الحكومات السابقة، وصل بعضها إلى تخوين الطرف المقابل، ونشر صور ومقاطع مفبركة، الغرض منها إقصاء المنافسين، لكن الأمر هذه المرة وصل إلى القتل والاغتيال، ويحمل هذا الأمر من الخطورة، ما يهدد الأمن القومي للعراق والاستقرار الذي وصل إليه، بفضل الدماء التي سالت من أجل تحرير البلد من العصابات الإجرامية والمخططات التي أريد من خلالها، إشاعة الفوضى والدفع باتجاه الاقتتال الطائفي الذي تجاوزه العراقيون بشق الأنفس.
ومثلت حادثة اغتيال عضو مجلس محافظة بغداد صفاء الحجازي، صدمة للجميع، لأنها تزامنت مع قرب موعد انتخابات مجلس النواب العراقي، التي جرى تحديد موعدها في الشهر المقبل، وبهذا فإن عملية القتل والتصفية هذه تعكس حجم الخلاف ما بين بعض الكتل السياسية التابعة للمكون السُني والتي لم تكتفِ بالتسقيط والترهيب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، عبر استخدام السلاح المنفلت في مناطق حزام بغداد التي مازالت تمثل بؤراً آمنة للمجاميع الإرهابية والخارجة عن القانون.
وأرادت بعض القوى السُنية، رمي الكرة في ملعب الأحزاب الشيعية باعتبار، أن المقتول هو من الكتل السُنية، لغرض التغطية على الجريمة التي اقترفت بذات اليد التي حاولت تدمير العراق والدفع به نحو المشروع الطائفي ومحاولات تأجيجه طيلة السنوات الماضية، لكنها لم تفلح بسبب الوحدة والتكاتف الاجتماعي للشعب العراقي الذي استطاع أن يصمد بوجه هذه المخططات الطائفية والممولة من الخارج.
وتعكس عمليات الاغتيال والترهيب، صورة واضحة، عن عدم وجود ما يُسمّى بالنظام الديمقراطي السياسي خاصة في المناطق الغربية، التي تتسابق أحزابها نحو توسيع إمبراطوريتها السياسية والاقتصادية، بعيداً عمّا يطمح اليه الشارع السُني والجمهور الذي ينتظر الكثير من ممثليه في البرلمان والحكومة.
وحول هذا الأمر، يقول المحلل السياسي ماهر عبد جودة في حديث لـ”المراقب العراقي”: إن “العملية الانتخابية تعكس مدى ديمقراطية البلد، وإنجاحها يتطلب الكثير من العمل على المستويين السياسي والأمني، وحدوث حالات اغتيال بطابع انتخابي سياسي، حالة تعكس مدى الخلاف ما بين بعض المكونات المشتركة في الدولة العراقية”.
وأشار جودة إلى “ضرورة فتح تحقيق عاجل، لمعرفة من يقف وراء هذا الفعل الذي يهدد ليس العملية السياسية فحسب، بل الاستقرار العام للعراق”.
يذكر أن الشهيد المغدور صفاء الحجازي قد كانت له مواقف داعمة ومؤيدة للحشد الشعبي الذي تمكّن من القضاء على العديد من الخلايا الإرهابية الموجودة في مناطق حزام بغداد وتحديداً منطقة الطارمية، وهي المنطقة ذاتها التي تعرّض فيها الحجازي للاغتيال من خلال عبوة لاصقة تم زرعها في سيارته، فجر أمس الأربعاء.
هذا ويمثل اغتيال الحجازي، مؤشراً خطيراً على عودة السلاح المنفلت، ومحاولات بعض الجهات إعادة إشعال الفتنة الطائفية، في وقت يحتاج فيه العراق إلى التكاتف والاستقرار، للحفاظ على ما تحقق بعد دحر الإرهاب.



