اراء

من ربح الحرب في غزة؟

بقلم: الدكتور محسن القزويني..

انتهت الحرب في غزة وعم الفرح الشعب الفلسطيني باسره، ولم تحقق اسرائيل اهدافها التي اعلنت عنها، فقد ظل اهل غزة متمسكون بالارض ولم يحققوا حلم نتنياهو بالهجرة خارج ارضهم وتحويل ارض غزة الى مستوطنات ومنتجعات ومراكز سياحية يرتع فيها الاسرائيليون ويتمتعون بشواطئها الزرقاء وسماءها الصافية، كما وإنّ اسرائيل لم تستطع القضاء على حماس التي دخلت في المعادلة الفلسطينية من اوسع ابوابها واخذت تجلس في طرف الطاولة الرباعية في شرم الشيخ وجها لوجه الدول العربية والاسلامية وبحضور المفاوض الامريكي وان تحصل على اشادة من الرئيس الامريكي دونالد ترامب .

كما وان اسرائيل لم تستطع ان تطلق سراح رهينة واحدة من رهائنها الذين ظلوا في ضيافة حماس على رغم ما تمتلكه من سلاح وتقنيات عالية التاثير والفاعلية، وعلى رغم ما فعلته بغزة من دمار وابادة الا انها لم تستطيع ان تحقق اقل ما كانت تصبو اليه خلال سنتين من الحرب، وهو الحصول على اية معلومات عن الرهائن في ارض خاضعة لها تجول فيها وتصول ليل نهار، الامر الذي دفع بالمحلل العسكري لصحيفة معاريف ان يعلن في الذكرى الثانية من السابع من اكتوبر عن هزيمة اسرائيل امام حماس فكتب في الصحيفة ”ان اسرائيل بنت حول نفسها اسطورة مضللة عن الردع والتفوق وصدقَّت روايتها الخاصة حتى لحظة الانهيار، اما حماس فخرجت من تحت الانقاض لتعيد بناء قوتها وتنقل المعركة من الدفاع الى الهجوم بينما غرقت اسرائيل في غطرسة القوة”.

 ويرى اشكنازي ”ان اسرائيل فشلت في الذكرى الثانية للحرب على المستوى العسكري والاستخباراتي وعلى المستوى السياسي والاجتماعي” هذا الفشل كما يكتب اشكنازي ”الذي كلفَّ اسرائيل دماء 1954 مقاتلا و255 اسيرا والاف الجرحى ولا تزال تداعياته مستمرة بعد عامين سياسيا واخلاقيا ومجتمعيا”.

اما عن حماس فكتب اشكنازي قائلا” فحماس رغم الحصار والدمار نجحت في حشد الراي العام العالمي الى جانبها كما تظهر التظاهرات والاعلام الفلسطينية في اوروبا والعواصم الغربية اما اسرائيل فقد دخلت مرحلة غير مسبوقة من العزلة الدولية تجلَّت في مواقف للامم المتحدة والاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين” وفي ختام مقاله يستنتج “ان حماس انتصرت في الدقائق الاولى من الحرب وان قدرتها على الصمود لعامين كاملين امام آلة عسكرية ضخمة تؤكد ان اسرائيل فقدت ميزة الردع وانها امام مازق وجودي لا يحل بالقوة وحدها “واخيرا يطلق اشكنازي تحذيرا لاسرائيل” اذا لم تجرِ اسرائيل مراجعة جذرية ستستيقظ ذات صباح على اكتوبر جديد يفوق ما حدث في 2023 ماساوية” وهذه شهادة من قلب اسرائيل ومن شخص متابع عريق للشان الاسرائيلي ومحلل سياسي وعسكري مشهور عالميا هو (آفي اشكنازي) الذي نطق بكلمة الحق واعترف بان المنتصر في هذه الحرب هو حماس التي بصمودها قلبت موازين القوة في فلسطين وجعلت الشعب الفلسطيني على رغم تضحياته الكبيرة اقرب ما يكون الى قيام الدولة الفلسطينية بعد اعتراف اكثر من 165 دولة. 

واليوم وبعد وقف اطلاق النار ستبدا مرحلة جديدة من حياة الشعب الفلسطيني، والامل كل الامل في المقاومة الباسلة ان تواصل طريقها لتحقق اهداف الشعب في الاعمار وتطبيب الجراح والتمسك بالقضية الفلسطينية حتى النهاية بقيام الدولة الفلسطينية، والوقوف بعناد واصرار امام الشروط الاسرائيلية المجحفة في خروج المقاومة من غزة ونزع سلاحها.

 وستستخدم اسرائيل كل امكاناتها الدبلوماسية وربما ستستغل تاثيرها على بعض الاطراف الدولية والعربية لاقناع حماس بنزع السلاح والخروج من غزه ومعنى ذلك انهاء القضية الفلسطينية، وهو ما لم تستطيع اسرائيل تحقيقه في الحرب وهي تحلم بتحقيقه في السلم!!.

فعلى المقاومة ان تكون اكثر يقظة في معركة السلم كما كانت في معركتها الحامية خلال السنتين الماضيتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى