تركة ثقيلة تخلفها الإدارة الحالية للحكومة المقبلة بعد الانتخابات

بسبب القرارات الاقتصادية الخاطئة
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
تشهد الحكومة المقبلة تحديات اقتصادية معقدة نتيجة السياسات غير المدروسة التي اتَّبعتْها الحكومة الحالية خصوصا في ملفات التعيينات العشوائية، والصرف العشوائي على مشاريع غير مجدية ، بالإضافة الى تراجع قطاع الاستثمار.
هذه التحديات لن تقتصر على ضغط إداري ومالي فقط بل ستخلق واقعا اقتصاديا هشا يُصعِّب على أي حكومة جديدة تنفيذ برامج إصلاحية أو تنموية فعلية خاصة في حال تعرض السوق العالمية لتقلبات أسعار النفط وهو احتمال قائم في ظل التغيرات الجيوسياسية والتحولات في الطلب على الطاقة .
ويشير مراقبون في الشأن الاقتصادي الى أن” من أبرز التبعات التي ستواجهها الحكومة المقبلة هو تضخم الكتلة الوظيفية في القطاع العام ما يعني أن جزءا كبيرا من الموازنة سيبقى مستهلكا في الرواتب والمخصصات دون مردود إنتاجي، مبينين أن هذا الأمر سيحرم الحكومة القادمة من توجيه الموارد نحو البنية التحتية أو دعم القطاعات الحيوية أو تطوير الخدمات، أو أي محاولة للإصلاح المالي ستواجه التزامات ثابتة يصعب تجاوزها “.
وتوقع مراقبون أنه” في حال انخفاض أسعار النفط المصدر الرئيس للإيرادات ستواجه الدولة صعوبة في تغطية نفقاتها الجارية وقد تضطر إلى اللجوء إلى الاقتراض مما يزيد من أعباء الدَّين العام ويضعف التصنيف الائتماني، كما ستكون أمام خيارات مالية صعبة مثل تقليص الرواتب أو رفع الدعم أو فرض ضرائب جديدة وهي إجراءات تحمل مخاطر اجتماعية عالية خاصة إذا لم تقترن بسياسات حماية للفئات الضعيفة”.
أما في قطاع الكهرباء والطاقة ، فأوضحوا” أن هذا الملف سيبقى أحد أكثر التحديات تعقيداً ، حيث إن استمرار الانقطاعات وضعف كفاءة الإنتاج يشكلان عائقا أمام أي نمو اقتصادي محتمل، والحكومة المقبلة مطالبة بإيجاد حلول عاجلة لهذا القطاع رغم شح الموارد وهو قطاع يحتاج إلى استثمارات كبيرة وإعادة هيكلة للبنية التحتية وتحسين آليات الجباية وضبط الفوضى التشغيلية”
فيما يرى مختصون أن” الحكومة القادمة ستكون محاصرة بين إرث ثقيل من الالتزامات وواقع اقتصادي صعب دون توفر الأدوات المالية الكافية، وستكون أمام اختبار صعب لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الاستقرار وتطبيق إصلاحات ضرورية ، محذرين في الوقت ذاته من غياب خطة اقتصادية واضحة تقوم على ترشيد الإنفاق وتوسيع الإيرادات غير النفطية فإن الأزمة الاقتصادية ستتعمق بشكل أكبر”.
وحول هذا الموضوع أكد المهتم بالشأن الاقتصادي ضياء الشريفي في حديث لـ”المراقب العراقي” أن ” الحكومة المقبلة ستجد نفسها أمام جهاز إداري مترهل، وأجور تستهلك الجزء الأكبر من الإيرادات دون مردود اقتصادي حقيقي، وهو ما سيقيد قدرتها على تنفيذ أي إصلاح أو مشروع استثماري فاعل.”
وأضاف إن” أزمة الطاقة لا تقل خطورة، فهي لم تعد مجرد مسألة خدمات، بل تحولت إلى عائق تنموي، الانقطاعات المستمرة وسوء إدارة ملف الطاقة، وغياب التخطيط الاستراتيجي جعلا هذا القطاع عبئا بدل أن يكون محركا للنمو، لافتا الى أن الحكومة المقبلة ستواجه كثرة التحديات الفنية والإدارية.”
وتابع الشريفي أنه” لو ترافق هذا الإرث الاقتصادي الثقيل مع انخفاض أسعار النفط، فإن الأمور ستتجه نحو أزمة مالية حادة، والخيارات أمام الحكومة المقبلة ستكون محدودة جدا، وقد تُجبر على اتخاذ قرارات صعبة مثل تقليص النفقات أو فرض ضرائب، وهذا قد ينذر بانفجار شعبي .”
ولفت الى أن “الحكومة القادمة أمام لحظة مفصلية تتطلب قرارات جريئة وسريعة لتجنب تفاقم الأزمات وتكرار أخطاء المرحلة الحالية “.
ومع اقتراب نهاية دورة الحكومة الحالية، تبرز أمام السلطة المقبلة جملة من التحديات الاقتصادية والإدارية المعقدة التي ستتركها هذه الحكومة، لا تتعلق فقط بإدارة الملفات اليومية، بل تمتد إلى معالجة آثار تراكمية ناجمة عن سوء التخطيط وضعف الإدارة وغياب الرؤية طويلة الأمد، حسب ما يرى مختصون.



