الألعاب الفردية.. حاضر مؤسف

عبد الرحمن رشيد..
مازلنا جميعًا نتغنّى ونستذكر في مجالسنا الخاصّة والعامّة، منجزات أبطال العراق لمختلف الألعاب الفرديّة على الصعيد العربي والآسيوي والدولي، وكان أبطال تلك الألعاب يتسابقون لإحراز الميداليّات الملوّنة، حيث كان العراق في مقدّمة الدول العربيّة والآسيويّة وحتى الدولية.
وطالما سمعنا وشاهدنا عبر مراحل التأريخ، أبطال الألعاب الفرديّة، يعتلون منصّات التتويج في أية مشاركة خارجيّة لهم، وذلك يؤكّد، أن المؤسّسات الرياضيّة بمختلف عناوينها كانت تخطّط بشكلٍ سليم لصناعة الأبطال في السوح الرياضيّة العراقيّة الموزعة على خارطة العراق.
ولم يقتصر أصحاب الإنجاز على العاصمة بغداد، بل إن أغلب الأبطال في الألعاب الفرديّة هُم من المحافظات، ممّا يدلّ على أن هناك اهتمامًا ورعاية كبيرة من قبل الدولة وتوجيه المؤسّسات الرياضية نحو التنقيب والتفتيش والبحث عن المواهب لمختلف الألعاب الفرديّة وصناعتها في مصنعٍ فيه جميع أدوات صناعة اللاعبين وتقديمهم بالشكل الذي يلبّي الطموحات.
نتحسّر اليوم، ونحن في أواخر عام 2025، على ماضٍ عريض ونلوم أنفسنا مرّة وأخرى، نضع اللائمة على المؤسّسات المعنيّة ولم نجد أي تقدمٍ ملحوظ يعيد لنا بريق الماضي، ومن دون أدنى شك أيقنّا، أن ماضينا أجمل من حاضرنا، بل إن الروح الوطنيّة المخلصة آنذاك، تتفوّق بكثير عمّا عليه الحال الآن.
كانت الروح الرياضيّة تعجُّ بالأبطال من خلال برامج علميّة وبإشراف مدرّبين ذوي مستويات فنيّة عالية لمختلف الألعاب الفرديّة، وُضعت في مطبخٍ يجيد فن صناعة البطل من جميع النواحي الفنيّة والبدنيّة والنفسيّة. وطالما شهدت منصّات التتويج العربيّة والآسيويّة والدوليّة شاهدًا حيًّا على أبطالنا وتلك المنجزات التي مازالت عالقة في الأذهان، تتناقلها الأجيال المتعاقبة عبر سنواتٍ قطفت فيها ثمرة الجهود المخلصة للمدرّبين. واليوم لا عنبَ ولا سلّة، فقد نضبت الأرض وأصبحت صحراءً قاحلة في ظلّ اندثار الألعاب الفردية.
يظلّ التأريخ دائمًا يستذكر أبطال مختلف الألعاب الفرديّة الذين صنعوا مجد العراق، فهناك من غادرنا إلى دار الآخرة، لكنه مازال حيًّا بيننا بما تركه من إرثٍ رياضي، وهناك عدد بيننا مازال حاضرًا يتحدّث عن الماضي بكل فخرٍ واعتزاز، ويتحدّث بمرارةٍ وأسى، لأنه يرى اليوم بأمّ عينه، حالة الضياع التي لحقت بالألعاب الفرديّة. وعندما نسطّر هنا ونستذكر تلك الرموز، فإن القائمة تطول وتطول، ولا يتّسع المجال، لكن تظلّ الأسماء خالدة أبد الدهر: إيمان نوري، إيمان صبيح، إيمان عبدالأمير، أنيتا بنيامين، سامي الشيخلي، المرحوم فالح أكرم فهمي، طالب فيصل، عباس لعيبي، شبيب داغر، ناجي كاظم، وغيرهم من أبطال الساحة والميدان، وفي الملاكمة الراحل فاروق جنجون وإسماعيل خليل وغيرهم من الأبطال لمختلف الألعاب الفرديّة، وحتى على مستوى الجمناستك كانت هناك بطلات وأبطال.
لقد حان الوقت لصياغة قانونٍ من قبل المؤسّسات الرياضيّة يُلزم جميع أندية المحافظات بإعادة الروح إلى الألعاب الفرديّة، وأن يُعتمد دوري منظّم في جميع المحافظات، مع اعتماد كشّافين متخصّصين بالألعاب الفرديّة لصناعة المواهب وتقديمها بالشكل الذي يؤمّن لنا حصد الأوسمة المختلفة في المشاركات الخارجيّة، لا سيّما في ظلّ الأموال التي تمنحها الحكومة للاتحادات الرياضيّة.
ينبغي اعتماد مبدأ الثواب والعقاب، وأيضًا توجيه المؤسّسات الإعلاميّة، لتسليط الأضواء على الألعاب الفرديّة، أظن أن كُلّ ذلك من شأنه، أن يعيد لنا بريق الألعاب الفرديّة.



