اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

الزراعة البديل الناجع للخلاص من قيود الاقتصاد الريعي

اعتمدت موازنات العراق عليها لعقود


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
يعد العراق من الدول ذات الإرث الزراعي العريق، حيث شكلت الزراعة، عماد الاقتصاد الوطني قبل اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت الزراعة، وبخاصة النخيل وإنتاج التمور، المصدر الرئيس للدخل وفرص العمل للسكان، ومع التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع النفط، من تذبذب الأسعار والمشكلات الاقتصادية، تبرز زراعة النخيل والتمور، كفرصة حقيقية لإعادة إحياء الاقتصاد الزراعي وتحويله إلى مصدر مستدام للدخل الوطني.
ويمتلك العراق، مساحات شاسعة من بساتين النخيل، إلى جانب أكثر من 625 صنفاً من التمور التي تتميز بجودتها العالية وتنافسها في الأسواق العالمية، ما يمنح البلاد، فرصة لتعزيز مكانتها في سوق التمور الدولية.
ويلعب قطاع النخيل، دوراً مهماً في دعم الاقتصاد المحلي، حيث يوفر الآلاف من فرص العمل بالزراعة والحصاد والتصنيع والتصدير، خصوصاً في المحافظات الجنوبية مثل البصرة وذي قار والمثنى وكربلاء، كما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية، وتتمتع التمور بطلب متزايد في الأسواق الإقليمية والعالمية، ما يفتح آفاقاً كبيرة أمام العراق، لتعزيز صادراته الزراعية وتحقيق إيرادات مالية مهمة تدعم الاقتصاد الوطني، ومع ذلك، يواجه القطاع، تحديات عديدة من بينها ضعف البنية التحتية الزراعية، ونقص شبكات الري الحديثة وارتفاع نسبة الملوحة بسبب الأساليب التقليدية، إضافة إلى قلة الاستثمارات والتقنيات الحديثة التي تساعد على تحسين جودة الإنتاج ومكافحة الآفات، فضلاً عن ضعف التسويق والتصدير، نتيجة غياب استراتيجيات واضحة، للوصول إلى الأسواق العالمية، وتفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تؤثر على استقرار المزارعين وقدرتهم على التوسع.
ويتم دعم الزراعة من خلال توفير التمويل اللازم وتحديث البنية التحتية، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتأسيس جمعيات وشركات متخصصة لتنظيم الإنتاج والتسويق التي تعد من أهم الخطوات التي يمكن أن تساهم في النهوض بقطاع النخيل والتمور، كذلك فإن تبني برامج تدريبية لتأهيل المزارعين وتفعيل الدعم الحكومي عبر وضع سياسات استثمارية تشجع على تنمية القطاع، سيكون له أثر كبير في تطويره وتعزيز قدراته التنافسية.
بدورها، أكدت وزارة الزراعة، أن قطاع النخيل له الأولوية، ويعد بديلاً اقتصادياً عن قطاع النفط، وفيما أشارت إلى أن هناك 625 صنفاً من التمور العراقية التي تعد من أجود الأنواع عالمياً، دعت القطاع الخاص الى تأسيس جمعيات وشركات لتطوير قطاع النخيل.
ولفتت إلى أن “هناك منافسة لتأسيس بساتين للنخيل من قبل القطاع الخاص، ومنها ما موجود في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف والمثنى والصحراء”، مؤكدة، أن “توجه الوزارة للاهتمام بهذا القطاع، من أجل أن تكون للعراق تمور قادرة على دعم اقتصاد البلاد”.
وفي السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي حسن الشيخ في حديث لـ”المراقب العراقي”، إن “زراعة التمور تمثل قطاعاً حيوياً مهماً في الاقتصاد الوطني، مبيناً، أن العراق يمتلك جميع المقومات الطبيعية والمناخية التي تؤهله لأن يكون من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للتمور على مستوى العالم”، مضيفا، أن “هذا القطاع يمكن أن يشكل بديلًا اقتصادياً للنفط، إذا ما تم توفير الدعم الحكومي اللازم، سواء من خلال الاستثمار في تحديث البنية التحتية الزراعية، أو عبر توفير التمويل للمزارعين، وتحسين آليات التسويق والتصدير”.
وأشار الى أن “الاهتمام بزراعة التمور ليس فقط فرصة لتعزيز الأمن الغذائي، بل يشكل ركيزة مهمة لتنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط الذي يشهد تقلبات مستمرة في أسعاره”.
وشدد الشيخ على أن “نجاح هذا القطاع يتطلب خطة شاملة تستند على دعم حكومي حقيقي يشمل توفير التقنيات الحديثة، وتحسين الظروف البيئية للمزارع، بالإضافة إلى تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص للاستثمار في المصانع ومراكز التعبئة والتغليف، ما من شأنه أن يرفع من جودة المنتج، ويزيد من تنافسيته في الأسواق العالمية”.
وفي ظل التقلبات الاقتصادية وعدم الاستقرار في أسعار النفط، بات من الضروري، البحث عن مصادر دخل بديلة، ويمكن لقطاع النخيل والتمور، أن يشكل بديلاً اقتصادياً حقيقياً يعزز من تنويع الاقتصاد الوطني، ويحد من الاعتماد على النفط، وقد أثبت التأريخ أن العراق كان يعتمد بشكل كبير على الزراعة قبل اكتشاف النفط، ومن خلال الاستثمار المناسب والدعم الحكومي، ويمكن لهذا القطاع أن يعيد إحياء الدور الاقتصادي الذي لعبه في الماضي، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى