أموال ضخمة تهدم سقف المبالغ المحددة للدعاية الانتخابية

تحذيرات من استغلال موارد الدولة
المراقب العراقي/ سيف الشمري..
مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية العراقية التي بدأت قبل أيام، تصاعد الجدل مجددًا حول حجم الإنفاق المالي الكبير الذي يرافق هذا الحدث المهم، وسط مخاوف من استخدام المال السياسي، للتأثير على إرادة الناخبين وتحويل التنافس إلى سباق مالي غير متكافئ.
وعلى الرغم من القوانين والتعليمات الصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات، التي تحدد سقفاً واضحاً للإنفاق على الحملات الدعائية، إلا أن المبالغ التي تصرف من قبل بعض الكتل السياسية والمرشحين، تفوق التقديرات الرسمية، كما أن هناك جهات خصصت مليارات الدنانير خلال شهر الدعاية الانتخابية، لتغطية تكاليف الإعلانات والملصقات والأنشطة الأخرى.
هذا الإنفاق المبالغ فيه، دفع المفوضية إلى تشكيل لجان خاصة لمراقبة آلية الصرف خلال فترة الحملة، للتأكد من التزام المرشحين بالسقوف المالية المقررة، فيما قامت المفوضية بوضع إجراءات قانونية صارمة بحق أي مرشح أو حزب يتجاوز الحدود المسموح بها.
وحول هذا الأمر، يقول المحلل السياسي علي الطويل في حديث لـ”المراقب العراقي”: إن “المفوضية العليا للانتخابات أصدرت العديد من القرارات، ولكن لا توجد لديها آلية للسيطرة على هذه العملية، كما أن تنفيذها قليل ولا ينسجم مع القرارات خاصة فيما يتعلق بالتجاوز على الأرصفة واستغلال أملاك الدولة”.
وأضاف الطويل: ان “تجاوزات لا حد لها ولا يمكن إحصاؤها ولا نعلم كيف ستعاقب المفوضية المتجاوزين”، مؤكدا أنه “إذا لم تنفذ العقوبات بحقّ المخالفين، فلا داعي لأي قرارات جديدة”.
ونوّه الطويل إلى أن “حجم الأموال المبذولة ضخم ومذهل والرأي العام يتساءل كيف للمرشح ان ينفق على الصور والدعاية هذه المبالغ، إضافة إلى المهرجانات التي تقام والتي لا نراها إلا في الاحتفالات العالمية؟”.
ويرى مراقبون، أن هذه الإجراءات ضرورية، ومن الواجب ان تساءل الكتل والأحزاب والمرشحين عن عائدية تلك الأموال، عبر تطبيق قانون “من أين لك هذا؟” وتتبع مصادر الأموال التي تصرف على الحملات ومحاسبة الكتل التي تنفق مبالغ طائلة، كونه مؤشراً على تدخل المال الخارجي في تلك الحملات أو استغلال موارد الدولة.
ويؤكد مختصون، أن ضبط عملية الإنفاق الانتخابي، هو أحد أهم مفاتيح ضمان نزاهة العملية الانتخابية، خاصة في بلد مثل العراق الذي شهد خلال السنوات الماضية، فوضى مالية وإدارية واسعة، انعكست على ثقة المواطن بالمؤسسات السياسية، فالمبالغ التي تصرف على الحملات لا تعكس فقط حجم التنافس، بل تكشف أيضا، طبيعة النفوذ السياسي والاقتصادي الذي تمتلكه بعض الأطراف.
وحسب التعليمات، التي أعلنت عنها المفوضية، أمس الاحد، فإن مدة الإنفاق تبدأ من انطلاق الحملة الانتخابية وحتى يوم الصمت الانتخابي، ويحدد الحد الأعلى للإنفاق للمرشح الفرد بمبلغ ٢٥٠ ديناراً مضروبًا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية، فيما يكون الحد الأعلى للحزب أو الكيان السياسي مضاعفًا حسب عدد المرشحين في القائمة.
كما شددت المفوضية على حظر قبول الهبات أو المساهمات من أية جهة خارجية أو داخلية، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، بما يشمل المؤسسات العامة الممولة ذاتيًا، والشركات التي يشارك فيها رأس مال الدولة، لضمان أن تكون المنافسة نزيهة وخالية من التأثيرات المالية غير المشروعة.



