اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

البرامج الانتخابية تخلو من خطط التنمية والإصلاح الاقتصادي

في بلد مهدد بالتحديات المالية


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها العراق، لا تزال برامج معظم المرشحين، تخلو من رؤى واضحة لمعالجة الأزمة أو تقديم بدائل حقيقية للاعتماد المفرط على النفط، حيث يغيب الحديث عن تنمية القطاعات غير النفطية مثل الصناعة والزراعة، في وقت يعاني فيه البلد، بطالة مرتفعة وتراجعاً مستمراً في الخدمات، هذا التجاهل يثير القلق بشأن غياب الاستعداد الجاد لبناء اقتصاد مستدام، ويعكس فشلاً سياسياً في مواكبة الحاجة الملحة لإصلاح اقتصادي شامل.
ويشير مراقبون إلى أن الخطاب الانتخابي في العراق، لا يزال أسير الشعارات العامة والوعود المتكررة، دون تقديم خطط تفصيلية قابلة للتنفيذ، خصوصاً في الملفات الاقتصادية الحساسة، فالاعتماد على إيرادات النفط لتأمين الرواتب والتمويل الحكومي، يجعل الاقتصاد هشاً ومعرضاً لأزمات متكررة، عند أي انخفاض في أسعار النفط العالمية.
في المقابل، تغيب عن برامج المرشحين، مشاريع فعلية لتطوير مصادر دخل بديلة أو دعم بيئة الاستثمار، كما لا توجد رؤية واضحة لمعالجة مشاكل الفقر، أو ضعف البنى التحتية، أو تشجيع القطاع الخاص، هذا الإهمال يعمّق فجوة الثقة بين الشارع والطبقة السياسية، ويجعل وعود التنمية بعيدة عن الواقع.
ويحذر مراقبون من استمرار هذا النهج الذي سيؤدي إلى نتائج كارثية، خاصة مع تفاقم الدَين العام، وتراجع احتياطيات المياه، وتدهور الإنتاج المحلي، مؤكدين، أن الحل يبدأ من إدراك المرشحين لأهمية الاقتصاد في استقرار الدولة، وضرورة طرح برامج تعتمد على التنوع الاقتصادي، والتقشف الذكي، وتشجيع الابتكار والإنتاج الوطني.
وفي ظل هذا الواقع، يبقى الأمل، معقوداً على وعي الناخب في مساءلة المرشحين عن برامجهم الاقتصادية، والمطالبة بخطط ملموسة تضع حداً للأزمات المتكررة، وتضع العراق على طريق النمو والاستقرار.
ومن زاوية أخرى، يرى خبراء الاقتصاد، أن تجاهل البعد الاقتصادي في البرامج الانتخابية، لا يعكس فقط ضعف الرؤية، بل يشير أيضاً إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية لإحداث تغيير جذري في بنية الاقتصاد الريعي، مبينين، ان معظم القوى السياسية تركز على كسب التأييد الشعبي من خلال الوعود الخدمية والوظائف الحكومية، متجاهلة عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها الاقتصاد العراقي.
وفي السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي د. فالح الزبيدي في حديث لـ”المراقب العراقي”، ان “البلاد بحاجة إلى انتقال جاد نحو اقتصاد منتج، يقوم على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وإعادة تأهيل القطاعات الزراعية والصناعية، التي من شأنها توفير فرص عمل حقيقية وتخفيف الضغط عن الدولة في ملف التوظيف العام”.
وأضاف، انه “لا توجد حتى الآن، مبادرات انتخابية تحمل هذا التوجه بوضوح أو تستند إلى بيانات واقعية وخطط قابلة للتنفيذ”، لافتاً الى أن “غياب المشروع الاقتصادي لدى المرشحين، يعكس ضعف التنسيق بين الكتل السياسية والخبرات الفنية، حيث يتم إعداد البرامج الانتخابية، بعيداً عن مراكز الدراسات الاقتصادية أو تشخيص الواقع الميداني، وهذا ما يؤدي إلى برامج إنشائية، تخاطب العاطفة ولا تمس جوهر المشكلة”.
وأشار الزبيدي الى أن “أغلب القوى السياسية تفضل ترحيل الأزمات الاقتصادية، بدلاً من مواجهتها، ففضلا عن إصلاح النظام الضريبي، أو معالجة ملف تهريب العملة، أو ضبط الاستيراد غير المنظم، تذهب البرامج نحو التركيز على الوعود السريعة مثل تثبيت العقود أو توزيع الأراضي، وهي خطوات آنية لا تؤسس لتنمية طويلة الأمد”.
وفي حال بقاء الاقتصاد خارج دائرة الاهتمام الانتخابي يعني استمرار الأزمة، وتكرار ذات السياسات التي أوصلت العراق إلى حافة الانهيار المالي والخدمي، ومن دون تغيير في الفكر السياسي تجاه الاقتصاد، ستظل كل الدورات الانتخابية تدور في حلقة مفرغة من الوعود المؤقتة، دون نتائج ملموسة على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى