اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

صورة ضبابية تحيط بالاقتصاد العراقي خلال العام المقبل

مع تذبذب أسعار النفط وتجميد الموازنة


المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
يواجه العراق مؤشرات مقلقة لأزمة مالية محتملة، في ظل استمرار الإنفاق الحكومي على أساس موازنة 2023، رغم مرور تسعة اشهر من عام 2025 دون إقرار رسمي لموازنة جديدة، وفي وقت تشهد فيه اسعار النفط العالمية تذبذباً واضحاً، يضع الاقتصاد الريعي الهش أمام اختبارات صعبة.
وتستند الموازنة الثلاثية (2023–2025) التي اُقرت في العام الماضي على سعر مرجعي لبرميل النفط البالغ 65 دولارا، وهو رقم أدنى من المعدلات الحالية احيانا، لكنه في الوقت نفسه لا يواكب واقع السوق العالمية التي تعاني تقلبات حادة ناجمة عن التوترات الجيوسياسية وتباطؤ الطلب في الاسواق الكبرى.
وفي ظل غياب موازنة 2025 حتى الان، وعدم تقديم الحكومة مشروعا رسميا الى البرلمان، يواصل العراق الصرف وفق موازنة 2023، معتمدا على نفس المعادلات النفطية والمالية السابقة، ما يهدد بتراكم العجز الفعلي، خاصة اذا ما انخفضت اسعار النفط في الربع الاخير من السنة، او استمر التأخير في الإصلاحات المالية والضريبية.
ويرى خبراء أن تأخير إقرار موازنة 2025 حتى الان، وبلوغ مشارف الربع الاخير من العام، يعكس خللا بنيويا في ادارة السياسة المالية، ويضع الوزارات والمؤسسات في حالة شلل تخطيطي، اذ إن الصرف الحالي يقتصر على الرواتب والنفقات التشغيلية، دون قدرة على تحريك المشاريع او الالتزامات الاستثمارية.
وأوضح مراقبون أن تأخير إقرار الموازنة، واستمرار الاعتماد على سعر مرجعي غير واقعي لبرميل النفط، يدفع باتجاه عجز فعلي اكبر من المخطط له في موازنة 2023 ، وكذلك تباطؤ في تنفيذ المشاريع الخدمية والبنى التحتية والتي بدأت بوادرها في جميع المحافظات من خلال توقف المشاريع الاستراتيجية الحيوية ، كما ستشكل تلك الاحداث ضغوطا على الاحتياطي النقدي في حال هبوط اسعار النفط ، وزيادة احتمالات اللجوء الى الاقتراض الداخلي او الخارجي.
وأشار المراقبون الى انه الى هذه اللحظة، لم تعلن الحكومة أية تفاصيل رسمية عن موازنة 2025، رغم قرب دخول الشهر العاشر من السنة، مبينين أن الخلافات حول آلية توزيع الايرادات، وسعر النفط، وتخصيصات المحافظات، لا تزال تشكل عقبات امام طرح المشروع.
كما يثير الصرف المستمر وفق الموازنة المؤقتة تساؤلات قانونية ودستورية، خاصة أن موازنة 2023 ، كانت جزءا من موازنة ثلاثية، لكن غياب تحديث رسمي يتناقض مع الواقع المالي المتغير، ويضعف قدرة الحكومة على الاستجابة الفعالة للمتغيرات الاقتصادية.
حيث طالب عدد من النواب استجواب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة المالية بسبب تأخير إقرار الموازنة ، وسط اتهامات للحكومة بالتعمد في عدم إرسالها الى البرلمان لإقرارها .
كما شكك النواب في الصرف الحكومي غير المبرر دون الرجوع الى السلطة التشريعية ، محملين الحكومة كافة التبعات في حال حدوث انهيار مالي وشيك ، في ظل إسرافها المفرط على مشاريع ليس ذات جدوى وبعيدا عن الجهات الرقابية .
وفي السياق ذاته ، عدَّ النائب هادي السلامي، في حديث لـ”المراقب العراقي”، “تأخير الحكومة إرسالَ جداول الموازنة العامة إلى مجلس النواب ، مخالفة دستورية وقانونية واضحة، محذرًا من تداعيات ذلك على الاقتصاد الوطني”.
وأضاف إن “أسباب عدم إرسال الجداول من قبل الحكومة ما تزال غير معروفة”، موضحا ان “البرلمان لم يعلم نسبة العجز في الموازنة، وهذا ينعكس سلبًا على التخطيط المالي والاقتصادي للبلاد”.
وأشار إلى أن “البرلمان لم يتسلم جداول الموازنة، ما تسبب بأضرار كبيرة جداً على الاقتصاد الوطني، وأوقف عجلة النمو في عدد من القطاعات الحيوية”.
وحمل السلامي رئاسة البرلمان جزءًا من المسؤولية في هذا التأخير وذلك لعدم تخصيص جلسة طارئة لمناقشة هذه التداعيات الاقتصادية، مرجحًا عدم إرسال الجداول في الوقت القريب، خاصة مع اقتراب نهاية السنة المالية وقرب موعد الانتخابات البرلمانية.
ووسط هذه المعطيات أكد مختصون أن استمرار الوضع على ما هو عليه دون تدخل حقيقي وإصلاحات جذرية من قبل الحكومة او الإسرع بإقرار الموازنة ، فإن الوضع ينذر بانفجار اقتصادي قد يمتد أثره إلى الأمن الاجتماعي والسياسي في البلاد ، وأن الأزمة المقبلة لن تكون مجرد أرقام، بل أزمة ثقة، وشرعية اقتصادية في نظر المواطن العراقي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى