حكومة الإقليم تُصفّي خصومها بسلاح “التهم الجاهزة” وتُخلي الساحة لها

إجراءات دكتاتورية تمهد لأحادية السلطة
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في تشرين الثاني من العام الجاري، شهد إقليم كردستان، حراكاً غير مسبوق، قاده الحزبان الحاكمان “الديمقراطي والاتحاد”، لتصفية الخصوم والمعارضين، لضمان الهيمنة على المناصب في الحكومة الاتحادية المقبلة للحزبين فقط، إذ تأتي هذه التحركات استمراراً لسيطرة حكم العوائل على مقدرات الإقليم، ومواصلة مسلسل التهريب وسرقة أموال المنافذ، عبر منع صعود الأحزاب الأخرى التي قد تشكل خطراً على مصالحهما، بسبب قرب أغلب هذه الجهات من بغداد.
مشهد الاعتقالات بات مألوفاً لدى سكان المحافظات الشمالية، وعمليات الاغتيال التي تطال الصحفيين والشخصيات المعارضة لحكم العائلة تتواصل وبشكل يومي، وتحولت المدن الآمنة الى أماكن غير صالحة للعيش بالنسبة للأشخاص الذين يعارضون النظام في أربيل أو السليمانية، إذ جاءت هذه التطورات والفوضى التي يشهدها الإقليم خلال الأيام الأخيرة، وهو ما يعزوه مراقبون الى ان هذه التحركات تقودها أحزاب السلطة، من أجل منع صعود الأحزاب الناشئة، سيما مع تصاعد الأصوات المعارضة لحكم العوائل في شمال العراق.
معركة في السليمانية وأخرى في أربيل واعتقال وسجن رئيس حزب معارض وتهديدات تطال كلَّ من يروّج لفكرة المعارضة، أبرز ما شهده الإقليم خلال الأشهر القليلة الماضية، لتكشف عن صراع محتدم على السلطة، وإفراط في استخدام القوة هدفه واحد وهو الفوز في الانتخابات واستمرار الأحزاب التقليدية في إحكام قبضتها على موارد كردستان، وتأسيس الامبراطوريات العائلية، إضافة الى تكديس الثروات والأرصدة في بنوك أوروبا، على حساب مواطني الإقليم الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة.
وفي وقت سابق، أصدرت محكمة السليمانية، حكماً بالحبس لمدة 5 أشهر، بحق رئيس حراك الجيل الجديد، شاسوار عبد الواحد، بتهم تتعلق بمخالفة قوانين حرية التعبير عن الرأي، وأخرى تتعلق بتهم فساد تمت إضافتها الى ملف عبد الواحد لاحقاً، بحسب ما أكد الجيل الجديد.
وقالت رئيس كتلة الجيل الجديد سروة عبد الواحد، ان ما جرى ليس سوى برهان جديد على حقيقة واحدة لا جدال فيها: ان حراك الجيل الجديد هو البديل الحقيقي الذي يكبر كل يوم، ويترسخ في وجدان الناس، فيما أنتم تتآكلون وتذوبون حتى تصلوا إلى نهايتكم المحتومة، مشيرة الى ان استخدام الأحزاب الكردية المحاكم أداة لتصفية الخصوم السياسيين، لا يختلف عن محاكم الأنظمة الدكتاتورية، ولن يغيّر من الحقيقة أنكم فقدتم شرعيتكم”.
مراقبون للشأن الكردي أكدوا، ان أغلب المواطنين في كردستان يعارضون هيمنة حزبي الاتحاد والديمقراطي على مجريات الأوضاع في الإقليم، وان هناك رغبة في التغيير، لكنها تُقمع قبل ولادتها، لذلك فأن ساعة الحسم مؤجلة الى موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي يتوقع ان تشهد توجيه ضربة قاصمة للحزبين الكرديين الرئيسين.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي هيثم الخزعلي لـ”المراقب العراقي”: إن “هناك تنافساً شديداً على السلطة داخل إقليم كردستان، وأحزاب السلطة تحاول منع الأحزاب المعارضة من الصعود، مستغلة علاقاتها مع أمريكا والكيان الصهيوني”.
وأضاف الخزعلي، أن “هناك مساعي لإبعاد الأحزاب الوطنية التي ترفض الوجود الصهيوني وتستبدلها بشخصيات أخرى تتناغم مع التوجهات والمخططات الغربية في المنطقة”.
وأشار الى ان “حزب البارزاني يواصل عملية تصفية الخصوم، خوفاً من اقتلاع حزبه من كردستان، خاصة مع تصاعد السخط الشعبي وغليان المشهد في الإقليم، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي انعكست بشكل كبير على الأوضاع الأمنية هناك”.
وليس بعيداً عن محاكمة شاسوار عبد الواحد، فقد شهدت السليمانية في 22 آب الماضي، اشتباكات دامية بين قوة تابعة لبافل الطالباني، استهدفت المعارض الكردي لاهور شيخ جنكي الطالباني واعتقاله هو وعدد من شركائه، وأيضاً شهدت أربيل، اشتباكات عنيفة بين البيشمركة مع عشائر كردية معارضة لحكومة البارزاني، اسفرت عن إصابة ومقتل أكثر من 17 شخصاً، كل هذه التطورات تأتي لإزاحة القوى المعارضة في أربيل وتصفيتها بشكل كامل، حتى لا تشكل عامل خطر على مصالح أحزاب السلطة في إقليم كردستان.



