تذبذب الدولار يفند مزاعم الإصلاحات الحكومية ويربك الاقتصاد

الورقة الخضراء تعاود الارتفاع مجدداً
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
بعد أن استبشر العراقيون بانخفاض أسعار الدولار في الفترة القليلة الماضية وسط تباهي الحكومة بإصلاحاتها الاقتصادية عاود الدولار الصعود مرة أخرى بخطى متسارعة مسجلا ما يقارب 144 دولارا لكل 100 دولار، مما انعكس سلباً على الحركة التجارية، وأدى الى انكماش الاسعار في الأسواق العراقية.
خبراء الاقتصاد أكدوا أن تذبذب أسعار الدولار في العراق يعكس متغيرات متعددة في الطلب والعرض داخل السوق المحلية ، مبينين أن السبب الأساس لهذا الارتفاع يعود إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق الموازي، مما ساهم في توسيع الفجوة مع السعر الرسمي.
ولفت الخبراء الى أن انخفاض كميات الدولار القادمة من خارج العراق خصوصا من الاستثمارات الأجنبية والتحويلات المالية للشركات الدولية قلل أيضا حجم المعروض من الدولار دون الارتباط بمبيعات النفط.
كما أوضحوا أن عدم إقرار الموازنة، وخاصة الاستثمارية التي تشكل نسبة كبيرة من الموازنة العامة للدولة، له تأثير سلبي مباشر على النشاط التجاري ويؤدي إلى انكماش اقتصادي متزايد، مشيرين الى أن قطاع الاستثمار العقاري يعاني أيضاً انكماشا كبيرا بفعل ارتفاع الأسعار وعزوف المواطنين عن الشراء.
وعلى الرغم من انخفاض معدل التضخم في العراق بالربع الأول من عام 2025 إلى 2.2%، وهي نسبة جيدة بحسب المعايير الاقتصادية، إلا أن هناك تباطؤا حادا في الطلب، خصوصًا في القطاعات غير الأساسية، حيث يؤجل المواطنون شراء الكماليات في ظل الوضع المعيشي الحالي بحسب مراقبين.
وأكدوا أن ضعف الثقة في السياسات النقدية العراقية يسهم بتقلبات سعر الصرف، مما يثير قلق التجار والمستثمرين ويُعيق الخطط الاقتصادية طويلة الأمد.
وأوضحوا أن هذه الحالة تدفع المستهلكين والمستوردين إلى تأجيل قرارات الشراء ترقباً لمزيد من الانخفاض في الأسعار، الأمر الذي يزيد من تباطؤ الطلب ويضاعف الكساد، مشددين على ضرورة التخلص من تذبذب الدولار البنيوي، والعمل على علاج ضعف القاعدة الإنتاجية بشكل جذري وذلك من خلال خطوات عدة منها رسم رؤية اقتصادية واضحة، بحيث يكون الجميع قادرا على التفاعل معها وتحقيقها وتوظيف الايرادات النفطية في المشاريع الاستراتيجية لا الاقتصادية، كالبنية التحتية والصحة والتعليم والبيئة وفسح المجال أمام القطاع الخاص بشكل حقيقي من خلال القضاء على التعقيدات الادارية وتبسيط الإجراءات، بالإضافة الى تعزيز استقلالية البنك المركزي، لأجل العمل على تحقيق أهدافه الرئيسة بشكل جاد بعيداً عن التدخلات السياسية.
ومن زاوية أخرى عزا مستشار التنمية والاستثمار عامر الجواهري في حديث لـ” المراقب العراقي” هذا الارتفاع إلى جملة من العوامل المتداخلة، “أبرزها تصاعد وتيرة الحملات الانتخابية، والتي غالبًا ما تؤدي إلى حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي، ما يدفع المستثمرين والمضاربين إلى التوجه نحو العملات الأجنبية كملاذ آمن”.
وأضاف، إن “سعر صرف العملة الصعبة يُبنى بالأساس على قوة الاقتصاد الوطني، والناتج المحلي الإجمالي، والاستقرار السياسي والمالي للبلاد، إلى جانب قلة المضاربات في الأسواق العالمية، إلا أن الوضع الحالي يشير إلى تراجع هذه الأسس، في ظل تزايد المضاربات في السوق، وغياب السياسات الرادعة التي تضمن استقرار سوق الصرف”.
وبين أن “الستة أشهر الماضية شهدت تخمة في تداول الدولار، مدفوعة بجني أرباح سريعة من قبل بعض المضاربين، ما خلق فقاعة سعرية مؤقتة”، لافتا إلى أن “الوضع بات هشاً، بحيث إن أي تغير سياسي مثل قرب موعد الانتخابات ينعكس فورًا على سعر الصرف”.
ويطالب مراقبون بضرورة تدخل الجهات المعنية وأصحاب الاختصاص بتفعيل أدوات السياسة النقدية للسيطرة على الأسواق، ومنع التلاعب بسعر الصرف، لما لذلك من تأثير مباشر على أسعار السلع والخدمات، ومستوى معيشة المواطنين.



