الصناعة الدوائية أسيرة الاستيراد والإهمال الحكومي

علاج المرضى في الأسواق السوداء
المراقب العراقي / أحمد سعدون..
رغم أن العراق كان يوماً من الدول الرائدة في صناعة الادوية على مستوى المنطقة، لكنه يشهد اليوم أزمات كثيرة ومتعددة ، حيث لم تشفع خطط السنوات الماضية لتطوير تلك الصناعة ، حتى صار البلد أسيرا لاستيراد 90% من احتياجاته، وفق تصريحات حكومية.
وفي خضم الحديث عن الاستيراد النهم للأدوية في العراق، تبدو الصناعة الدوائية المحلية متواضعة، إذ إنه رغم وجود شركات عدة مختصة بصناعة الأدوية، إلا أنها لا تلبي الحاجة المحلية، فقد بلغ عدد المصانع حسب آخر إحصائية لنقابة الأطباء 24 مصنعا حكوميا وخاصا ومختلطا، مع 24 مصنعا آخر قيد الإنشاء، كلها موزعة في العديد من المحافظات، وتأتي بغداد في المقدمة، تليها مصانع سامراء ونينوى والبصرة، بالإضافة إلى إقليم كردستان .
وأوضحت نقابة الأطباء أن هذه المصانع تنتج نحو 1100 نوع من الدواء، لكن أكثرها نمطية وغير مهمة بالنسبة لأوضاع البلاد الصحية في ظل عدم وجود صناعة للأدوية الضرورية الخاصة بأمراض السرطان والهرمونات ومعوضات الدم والأنسولين والأمبولات وغيرها، التي تُعد من أكثر الأدوية التي يتم استيرادها من الخارج.
ولفتت النقابة الى أن تكلفة شراء الأدوية المصنعة محليا بنحو 200 مليون دولار، بما يشكل نسبة 11% من قيمة ما تنفقه البلاد سنويا على شراء الأدوية، والتي تقدر بـ 3 إلى 4 مليارات دولار.
وفي ظل هذه الاعداد الكبيرة لمصانع الادوية مازال العراق تحت رحمة الاستيراد بالرغم من المحاولات الحكومية الخجولة في دعم هذا القطاع وتوطين الصناعة في هذا المجال .
فيما يرى أعضاء لجنة الصحة النيابية أن من أسباب عدم النهوض بهذا القطاع الحيوي هو سيطرة مافيات التهريب والتجار التي تعمل على استيراد الأدوية لتحقيق أرباح أكثر على حساب المصانع المحلية، فضلا عن العجز الحكومي الذي أدى لتراجع الصناعة الدوائية بعد عام 2003، الأمر الذي دفع لاستيراد 85% من الاحتياجات الدوائية، مشددين على ضرورة وجود إعفاءات على الرسوم الجمركية للمواد الخام الأولية التي تستوردها مصانع الأدوية، مع دعم وتحفيز وزارة الصناعة لشراء الأدوية من المصانع المحلية وعدم استيراد أية أدوية من الخارج يمكن صناعتها محليا ، بالإضافة الى إلزام وزارة الصحة والمؤسسات الخاصة والعامة بشراء الأدوية من الداخل.
من جانبه، يشدد الخبير الاقتصادي د. فالح الزبيدي في حديث لـ”المراقب العراقي على “ضرورة وجود علاقات متبادلة بين الشركات المحلية والعالمية لأجل نقل الخبرات الدوائية للبلاد، من خلال تدريب الصيادلة والكيميائيين على هذه الصناعات بما يسهم في سد حاجة السوق المحلية من الأدوية والمساهمة بتصدير الفائض منها إلى الخارج”.
وبين الزبيدي أن “أهم قضيتين تعتمد عليهما الشعوب هي الغذاء والأدوية باعتبارهما أساسيتين ترتبطان ارتباطا مباشرا بحياة المواطن ، مشددا على ضرورة تخصيص موازنة مهمة لتوفير هذه المراكز الدوائية، بالإضافة الى إنشاء مصانع للشركات العالمية المتخصصة في صناعة الأدوية محليا، شريطة أن تمنح حق الامتياز للعراقيين في تصنيع وإنتاج الأدوية”.
كما أكد على “أهمية توفير مراكز أبحاث متطورة لأطباء الصيادلة وتعزيز قدراتهم من خلال إقامة دورات في الدول المتقدمة لأجل الحصول على براءة اختراع في هذا المجال”.
ودعا الزبيدي الى “تفعيل الدور الرقابي على مذاخر الادوية والصيدليات التي تحولت الى تجارة رائجة بعيدة عن أهل الاختصاص، كما شدد على ضرورة الحد من مخاطر بيع واستعمال الأدوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية داخل بعض المستشفيات والمراكز الصحية، مع الإشارة إلى أن بعضها يُباع على الطرقات العامة وداخل الصيدليات”.



