اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

البنك المركزي يضيق الخناق على المصارف المحلية ويعزز الاحتكار الأجنبي

لإضعاف دور رأس المال الوطني


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة، بعد ترقب طويل للارتقاء بمستوى القطاع المصرفي في البلاد ، تفاجأ أصحاب رؤوس الأموال المحلية والمهتمون بالشأن الاقتصادي في البلاد بشروط تعجيزية فرضها البنك المركزي العراقي على المصارف المحلية تمثلت بإصدار تعليمات إجبارية وملزمة للمصارف الخاصة التجارية والإسلامية العاملة في العراق ، وفي حال عدم تحقيقها فإن المصرف قد يتعرض للتصفية أو يُجبر على الاندماج مع مصرف آخر.
وأوضح مختصون أن التعليمات سمحت للمستثمرين المؤسسين الكبار بامتلاك ما يصل إلى 60% من أسهم المصارف، لكنها اشترطت أن تكون أصول المستثمر لا تقل عن أربعة تريليونات دينار عراقي (نحو ثلاثة مليارات دولار) ، مضيفين أن هذه الشروط لا تتوفر إلا لدى مصارف عالمية أو صناديق ثروة سيادية أجنبية.
وأضافوا أنه في حال عدم تحقق ذلك، يمكن للمستثمرين أو أصحاب رأس المال الدخول بنسبة 10% فقط من الأسهم، أو 20% بموافقة البنك المركزي، مشيرين إلى أن تنفيذ هذه التعليمات قد بدأ اعتباراً من شهر آب الحالي، وعلى أصحاب المصارف الالتزام بتطبيقها وإلا تُسحب الرخص الممنوحة لهم.
ويرى مختصون أن المستثمر العراقي المحلي قد يجد نفسه مستبعداً من الاستثمار في قطاعه المصرفي، موضحين أن هذه التعليمات وإن كانت تستهدف تعزيز الشفافية ومنع الاحتكار، إلا أنها قد تنتج مخاطر عكسية تتمثل بإضعاف دور رأس المال الوطني، وتحويل السوق المصرفي العراقي إلى ساحة استثمار للأطراف الأجنبية على حساب المستثمر المحلي.
وتشهد الإصلاحات التي أعلنها البنك المركزي العراقي للقطاع المصرفي نقاشا حادا بين الخبراء والمختصين، حول مدى جدوى معايير الإصلاح التي وصفتها بعض الجهات بالتعجيزية، وأنها قد تزيد من ضغوط الأزمة على المصارف المحلية، خاصة في ظل تراجع الاستثمارات وتدهور الأوضاع الاقتصادية، في حين يؤكد مسؤولون مصرفيون أنها ضرورية لحماية النظام المالي والمودعين.
ومن جانب آخر رأى المهتم في شؤون الاقتصادية ضرغام محمد علي في حديث لـ” المراقب العراقي: أن “القطاع المصرفي في العراق رديء جدا ولا يستطيع إدارة أموال البلاد او جذب المستثمرين الاجانب، لافتا الى أن اغلب مصارف القطاع الخاص هي ليست منافذ اقتصادية وإنما دكاكين تابعة الى جهات سياسية لا يمكن الوثوق بها” حسب تعبيره.
واضاف أن “العراق يحتاج الى شركات اجنبية محترفة تدير العملية الاقتصادية في البلاد بعيدة عن التأثيرات السياسية التي تنتهجها الدول العظمى في التأثير على مواقف بلد معين ، بالإضافة الى دعم المصارف الحقيقية داخل البلاد والتي تمتلك رؤوس أموال نظيفة غير مُتهمة بغسيل الأموال او عقد صفقات مشبوهة”.
وأوضح أن “المعايير التي وضعها البنك لإصلاح القطاع المصرفي لا تُعد صارمة أو تعجيزية، بل تهدف إلى حماية المصارف من الانهيار وضمان سلامة أموال المودعين، بالإضافة إلى الحفاظ على العلاقة المالية الدولية للعراق”.
وتبقى هذه الشروط موقف جدل ونقاش بين المختصين في مدى أهميتها للواقع العراقي بعضهم يراها صارمة وتعجيزية، ولا تراعي الواقع الاقتصادي الصعب الذي تمر به المصارف العراقية ، مشددين على ضرورة إيجاد حلول واقعية تتمثل بدعم مباشر من قبل البنك المركزي عبر إعادة جدولة الديون وخفض أسعار الفائدة، بدلاً من تشديد الإجراءات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى