اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

العقود المبرمة مع الدول العربية هدر للمال العام وغياب للطاقة

ملايين الدولارات تتبخر في طريق البحث عن الكهرباء


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
ضمن مساعي العراق لإيجاد طرق بديلة لاستيراد الطاقة الكهربائية التي يعاني منها البلد منذ عقود من الزمن، لرفع إنتاجيته والوصول الى مرحلة الاستقرار النهائي بـ37 الف ميغا واط وفق آخر بيانات وزارة الكهرباء الاخيرة ، الا أن الواقع المتردي لهذا القطاع وخصوصا في فصل الصيف الحالي اثبت أن جميع العقود التي اُبرمت في السابق مع الأردن ودول الخليج فاشلة وغير مجدية ومنها ما تم ابرامه في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، حين وضع رئيس الوزراء الأردني بشير الخصاونة ونظيره العراقي حينها مصطفى الكاظمي، حجر أساس لمشروع ربط كهربائي بين البلدين، بحيث يتم تزويد العراق بـ150 ميغاواط في المرحلة الأولى ثم 500 ميغاواط في المرحلة الثانية، فـ900 في المرحلة الثالثة، وهو من بين المشاريع التي خلصت إليها قمة أردنية مصرية عراقية عُقدت في منطقة البحر الميت آنذاك .
ورغم الفشل الذريع من هذه الاتفاقية، يعلن مدير عام شركة الكهرباء الأردنية، سفيان البطاينة عن تجديد عقد تزويد الطاقة إلى العراق لمدة عام إضافي وذلك قبيل انتهاء العقد الحالي في أيلول/ سبتمبر المقبل.
ويرى مختصون أن هذا العقد المبرم لم يُحدث أي تقدم ملموس في تحسين الطاقة الكهربائية على الرغم من التزام العراق بإكمال البنية التحتية للربط الكهربائي حتى الحدود مع الكويت ، في المقابل لم يرَ العراق أي التزام من قبل الجانب الخليجي في إنشاء البنى التحتية المتفق عليها بين الطرفين ، لافتين الى أن هذه الاتفاقية غير مجدية وتعد هدرا للأموال بدون فائدة تذكر مؤكدين أن تكلفة هذا المشروع تصل إلى 228 مليون دولار، ويمتد حسب الاتفاق من محطة الوفرة في الأراضي الكويتية إلى محطة الفاو جنوب العراق، بسعة تصل إلى 600 ميغاواط في المرحلة الأولى.
ولفت المختصون الى أن هذه المشاريع التي تحاول انتاج أجزاء يسيرة من الطاقة الكهربائية لا تتناسب مع حجم المشكلة الكبيرة التي يعاني منها العراق منذ عقود ، مبينين أن العامل السياسي والتأثير الخارجي له دور كبير وفعال في إبرام مثل هكذا اتفاقيات غير مجدية من اجل إبراز وتعزيز ما يسمى بالدور العربي داخل الأراضي العراقية الذي لم يجنِ منه سوى الخراب وإثارة النعرات الطائفية طيلة الفترات السابقة .
ويبقى ملف الطاقة في العراق من أبرز التحديات التي يواجهها على الرغم من صرف مليارات الدولارات على مشاريع وهمية واتفاقيات غير فعالة من حيث الدراسات والتصاميم أو البنى التحتية الأولية، دون أن ينعكس ذلك بشكل ملموس على ساعات التجهيز، خاصة في مواسم الذروة.
ووفق هذه الرؤية يرى المهتم بالشأن الاقتصادي العراقي قاسم بلشان في حديث لـ”المراقب العراقي” أن “الغرض من هذه الاتفاقية هو اعطاء وفرة مالية جديدة للجانب الأردني على حساب الواقع العراقي بالإضافة الى أسعار النفط الزهيدة التي تُهدى الى عمان”.
وأضاف بلشان أن “هكذا تصريحات ووعود تنطلق من قبل الجانب الأردني او الخليجي مع نهاية فصل كل صيف وبعد انتهاء ذروة ارتفاع درجات الحرارة في العراق الغرض منها إيهام الشارع العراقي او الحكومة بأنها ملتزمة في وعودها التي قطعتها مع بغداد منذ عام 2022”.
ولفت الى أن “الحكومات المتعاقبة ومنها الحكومة الحالية تتحمل مسؤولية هذا الهدر بالمال العام امام اتفاقيات غير منتجة سواء من ناحية غياب الرؤية الاستراتيجية أو سوء الإدارة، إضافة إلى الاعتماد المستمر على الحلول الخارجية بدلاً من الاستثمار الحقيقي في قطاع الإنتاج المحلي.”
وفي ظل استمرار أزمة الكهرباء في العراق، تبقى عقود الربط مع الخليج نموذجًا واضحًا للفجوة بين الخطاب السياسي والتنفيذ الواقعي، وبينما تتزايد معاناة المواطنين، يظل السؤال الأبرز، متى تتحول الاتفاقيات الورقية إلى مشاريع حقيقية تضيء بيوت العراقيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى