اخر الأخباراوراق المراقب

الإمام الباقر “عليه السلام” في رحاب العلم والعلماء

تحدّث الإمام الباقر “عليه السلام” كثيراً وفي مناسبات عديدة عن العلم، فشجع على طلبه، وحثَّ الطلاب على المزيد من تحصيله، لأنه على ثقة من أمره، أن العلم نور العقل وهو الدعامة الأولى التي ترتكز عليها حياة الأمم المتطورة والراقية.

كما أشاد بفضل العلماء ورثة الأنبياء، فهم برأيه مصدر الوعي والتوجيه للأمة وعليهم مسؤوليات كبرى في الإصلاح والإرشاد، وهذا بعض ما أُثر عنه في هذا الحقل الكريم.

فضل العلم

تميّز أهل البيت بالعلم الذي خصهم الله به، فكانوا رواده وخزائنه وأنواره وقد أخذوه سالفاً عن سابق عن جدهم أمير المؤمنين، مدينة علم النبي الأكرم عن جدهم الرسول الأعظم. والله عز وجل فضل المؤمنين وميزهم قال تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ وقال الرسول الأعظم: “العلم خزائن، ومفتاحها السؤال، فاسألوا رحمكم الله فإنه يؤجر أربعة: السائل والمجيب، والمستمع، والمحب لهم”.

والإمام الباقر “عليه السلام” الحفيد الوفي لآبائه وأجداده مجد العلم ودعانا إليه وأثنى على طلابه. فقال “عليه السلام”: “تعلموا العلم فإن تعلمه جُنة، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد، وتعليمه صدقة، وبذله لأهله قربة، والعلم منار الجنة، وأنس الوحشية، وصاحب في الغربة، ورفيق في الخلوة، ودليل على السراء، وعون على الضراء، وزين عند الأخلاء، وسلاح على الأعداء، يرفع الله به قوماً ليجعلهم في الخير أئمة، يُقتدى بفعالهم، وتقتص آثارهم، ويصلى عليهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه”.

مذاكرة العلم

على الطالب أن يذكر العلم لترسخ جذوره في نفسه وتتعمق فوائده في حياته ويستفيد منه ويفيد طلابه، ولذلك دعا الإمام “عليه السلام” إلى مذاكرة العلوم، لأنها تفتح آفاقاً واسعة في ميادين المعرفة والعلم. فقال “عليه السلام”: “تذاكر العلم دراسة، والدراسة صلاة حسنة”. فهل بعد هذا التفضيل من تفضيل؟ الدراسة صلاة حسنة، وهل يعي طلابنا ما تتحمل هذه العبارة من قيم سامية وما يرشح منها من فوائد عالية؟.

بذل العلم

الغاية من جمع العلم في الإسلام بذله لأهله وإشاعته بين الناس حتى يطرد الجهل وتنعم البلاد بالسعادة، لذلك وجدنا باقر العلم يقول: “زكاة العلم أن تعلمه عباد الله”.

وقال أيضاً “عليه السلام”: “إن الذي تعلم العلم منكم له أجر مثل الذي يعلمه، وله الفضل عليه، تعلموا العلم من حملة العلم، وعلموه إخوانكم كما علمكم العلماء”.

ذم المباهاة بطلب العلم

حذر الإمام الباقر “عليه السلام” العلماء من المباهاة بطلب العلم والافتخار به وناشد أهل العلم مجاهدة نفوسهم على التقرب به إلى الله عز وجل، وأن يلتمسوا به الدار الآخرة، قال في ذلك “عليه السلام”: “من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس فليتبوأ مقعده من النار، إن الرياسة لا تصلح إلا لأهلها”.

العمل بالعلم

فائدة العلم العمل به، ولذلك حث الإمام “عليه السلام” أهل العلم بتطبيق ما علموه على واقع حياتهم، يقول “عليه السلام”: “إذا سمعتم العلم فاستعملوه ولتتسع قلوبكم، فإن العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفاً، فقال له ابن أبي ليلى: وما الذي نعرفه؟ قال “عليه السلام”: “خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عز وجل”.

فالعلم نور يطرد الظلام بنوره الساطع، والعلم قدرة يبعد الشيطان من التسلط على الإنسان، والعلم سلطة يهب الإنسان مكانة مرموقة في مجتمعه ويغنيه عن ذلك السؤال.

قبول العمل بالمعرفة

وقد وضع الإمام “عليه السلام” شروطاً لقبول العمل، والشرط الأساسي هو المعرفة، فمن يعمل من دون معرفة، فلا فائدة مرجوة من عمله، ولا أثر للواجب الذي يؤديه. قال “عليه السلام”: “لا يقبل عمل إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، ومن عرف دلته معرفته على العمل، ومن لا يعرف فلا عمل له”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى