مواجهة اقتصادية بين أمريكا والصين.. ما أبرز عناوينها؟

بقلم: زياد ناصر الدين..
دخلنا مرحلة السؤال الحاسم، مسرح القوى الاقتصادية في العالم ينتظر الصراع والمواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، على المستويات الاقتصادية والتجارية والكمركية، في ظل الطموحات العالمية التأريخية والتأسيسية للطرفين.
ومع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، دخلنا المواجهة المباشرة. وتتمثل أبرز العناوين الخلافية، في هذا الصراع، بالشكل التالي:
1– الرسوم الكمركية والعقوبات: في هذا الإطار، فرضت الولايات المتحدة رسوماً كمركية على مجموعة واسعة من السلع الصينية، كما فرضت عقوبات على بعض الشركات الصينية الكبرى مثل هواوي، بحجة تهديد الأمن القومي الأمريكي.
من جانبها، ردت الصين بفرض رسوم كمركية على السلع الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى زيادة تصاعدية في التوتر بين البلدين.
2– الاختلاف بشأن التجارة العادلة: توجّه الولايات المتحدة، انتقادات كبيرة إلى الصين بسبب ممارساتها التجارية، مثل دعم الحكومة الصينية للشركات المحلية، ومنحها مزايا “غير عادلة”، بما في ذلك تقديم قروض رخيصة ومدعومة.
في جانب ثانٍ، تقول الصين، إنّ الولايات المتحدة تحاول السيطرة على الأسواق العالمية وفرض قواعد لا تتماشى إلا مع مصالحها.
3 – الاستثمار والتعاون الاقتصادي: تَعُدّ الولايات المتحدة، الصين، تهديداً للهيمنة الاقتصادية العالمية، إذ تسعى بكين لتحقيق مشروع الحزام والطريق وزيادة استثماراتها في مناطق متعددة من العالم، بما في ذلك أوروبا وأفريقيا، بينما تحاول واشنطن احتواء النفوذ الصيني الاقتصادي عبر تعزيز شراكات تجارية مع حلفائها التقليديين.
4– العولمة وسلاسل التوريد: أثّر الصراع التجاري بين الصين وأمريكا، بصورة كبيرة، في سلاسل التوريد العالمية، فاضطرت الشركات العالمية إلى البحث عن بدائل في إنتاج السلع بعد فرض الرسوم الكمركية.
وتعمل الصين على تنويع أسواقها التجارية لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، في حين تسعى الأخيرة لخفض الاعتماد على الصين في سلاسل التوريد.
5– الآثار في الاقتصاد العالمي: للصراع التجاري بين الصين وأمريكا تأثيرات كبيرة في الاقتصاد في العالم، فشهدت الأسواق العالمية تقلبات نتيجة لعدم اليقين بشأن التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
كما أن هذه الحرب التجارية قد تؤدي إلى زيادة الأسعار للمستهلكين في كل من الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى التأثير في شركات كبيرة في البلدين.
6– الطريق إلى الحل.. مفاوضات واتفاقات: على الرغم من التوترات، فإنه تم عقد جولات عدة من المفاوضات بين الجانبين، بما في ذلك التي تم توقيعها في كانون الثاني 2020، والتي تهدف إلى تخفيف بعض الرسوم الكمركية، لكن سرعان ما سقطت، في عام 2025، مع عودة ترامب إلى السلطة، مع ما يحمله من مشروع قائم على الرسوم الكمركية لمواجهة الصين، مع استمرار الخلاف على القضايا الجوهرية، مثل الحقوق الفكرية والسياسات الصناعية.
7– السياسات العسكرية والدبلوماسية: الصراع التجاري يعكس أيضاً التنافس الاستراتيجي بين البلدين، عسكرياً ودبلوماسياً، والعلاقات بينهما تأثرت بمسائل، مثل بحر الصين الجنوبي وتايوان، إذ ترى الولايات المتحدة، أن الهيمنة الصينية في المنطقة قد تهدد مصالحها وحلفاءها، بينما تسعى الصين لتعزيز قوّتها الدبلوماسية في المناطق والعالم.
8– الاقتصاد بعد جائحة كورونا: أدت جائحة كورونا إلى تقلّبات كبيرة في الاقتصاد العالمي، وكان لها تأثير كبير في الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. ويرى البعض، أن بكين استفادت من هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، ويَعُدّ آخرون، أن الأضرار الاقتصادية، التي تعرّضت لها الصين وأمريكا، أدت إلى إعادة تقييم استراتيجياتهما الاقتصادية.
من الواضح أن مستقبل الصراع بين البلدين سيخضع لتحديات كبيرة، كالتغير المناخي والتحولات التكنولوجية والعملات الرقمية، بالإضافة إلى المعابر البحرية العالمية.
إنه مستقبل الصراع، الذي سيغيّر شكل العالم الاقتصادي في الأعوام المقبلة، والذي يمكن عدّه أقوى صراع اقتصادي في التأريخ. فهل ينحصر هذا الصراع في مفهومه الاقتصادي، أم أنه سيتطور إلى عسكري وسياسي؟.