العنكبوت الأمريكي ينسج خيوطه شمالاً ويُشيّد وكراً جديداً للتجسس في كردستان

استهداف حقول النفط ذريعة للتمدد
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
يواصل العراق سعيه لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي وعلى وجه الخصوص الأمريكي خلال المرحلة المقبلة، من أجل تحقيق السيادة الكاملة على أرضه وسمائه، وإنهاء ملف أثقل البلاد بتبعات أمنية ومادية كبيرة، وهو ما دفع القوى الوطنية للتحرك نحو طرد القوات الأمريكية، عبر وسائل عدة منها الدبلوماسية والقانونية، إضافة الى القوة المتمثلة بهجمات المقاومة الإسلامية على القواعد العسكرية لواشنطن الموجودة داخل العراق.
ويبدو ان ملف الانسحاب الأمريكي وتحديد طبيعة العلاقة مع واشنطن، تتبناه القوى الشيعية فقط، فالأحزاب السُنية لا ترى مشكلة بوجود قوات أمريكية عسكرية على أراضي البلاد، والأكراد شرعوا أبواب كردستان ويرون في أمريكا شريكاً استراتيجياً وضامناً لبقاء أحزاب السلطة بالإقليم في الحكم، وبالتالي فأن الحكومة المقبلة ستواجه صعوبة في التعامل مع هذا الملف، في ظل القبول الكردي السُني للوجود الأمريكي.
يشار الى ان أمريكا افتتحت، أمس الأربعاء، مبنى القنصلية الجديد لها في عاصمة إقليم كردستان، والتي تعد أكبر قنصلية في العالم، وذلك بحضور عدد كبير من المسؤولين الحزبيين والحكوميين الأكراد، وسط إشادة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني بالدور الذي تبذله واشنطن وجنودها في العراق على حد ادعائه، إذ جاءت هذه التحركات في الوقت الذي تسعى به بغداد الى التخلص من الهيمنة الأمريكية على المستويات كافة.
وحول الموضوع، يرى المحلل السياسي أثير الشرع في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن “المشاكل الداخلية في كردستان والوصول الى حافة الانهيار السياسي والاقتصادي، دفعت البارزاني الى طلب يد العون من ترامب، وهذا لن يكون مجاناً بل وفق شروط تضعها واشنطن”.
وقال الشرع، إن “إقليم كردستان أصبح مركزاً للمخابرات العالمية التي تسعى للتجسس على شخصيات سياسية ودول الجوار وجمع المعلومات، إضافة الى ان الإقليم يحاول ان يستقل كدولة، وهذا ما صرّح به قادة البارتي أكثر من مرة”.
وأضاف، ان “افتتاح القنصلية الأمريكية بكردستان وهي الأكبر في العالم ربما تنوب عن السفارة ببغداد في المستقبل، خاصة في حال تدهور العلاقة بين بغداد وواشنطن إذا لم تتعاون الحكومة القادمة مع طموحات ترامب”.
ويرى مراقبون، ان الأحداث الأخيرة التي شهدها الإقليم والمتمثلة باستهداف حقل كورمور والذي لم تتبناه أية جهة محددة ولم تعلن نتائج التحقيق فيها، تقع ضمن دائرة الشك ومن المرجح بأن تكون الضربة مفتعلة لتعزيز بقاء القوات الأمريكية وتحويل الإقليم الى أكبر قاعدة للوجود العسكري والدبلوماسي الذي يمكنها من استهداف دول المنطقة ومن ضمنها الجمهورية الإسلامية، وهو تحدٍ آخر قد يأخذ العراق الى منعطفات خطيرة في حال توسع نفوذ واشنطن في الإقليم.
وتعتبر السفارات والقنصليات الأمريكية في الشرق الأوسط، دوائر للتجسس ومراكز للعمليات تتخذها واشنطن لتنفيذ مشاريعها في المنطقة، وهي تؤدي أدواراً خارج الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها.
الجدير ذكره، ان العراق عمل طيلة السنوات الماضية على إنهاء الوجود الأمريكي العسكري، وقد تصاعدت جدية المباحثات بين الجانبين، بعد زيادة نوعية وكمية عدد الهجمات التي شنتها المقاومة الإسلامية ضد قواعد واشنطن، وتمخض عن المحادثات الثنائية تشكيل لجان لتقييم قدرة القوات العراقية، بالإضافة الى الاتفاق على إنهاء وجود التحالف الدولي خلال الفترة المقبلة أقصاها نهاية العام المقبل.
وغالباً ما تكون سياسة الإقليم وقراراته مخالفة لما تسعى له الحكومة المركزية، الأمر الذي عقّد العلاقة بين الجانبين، نتيجة تصرفات أحزاب السلطة في كردستان وكأنهم دولة مستقلة عن العراق، وهو ما لا تقبله القيادات السياسية في بغداد، ودعت في أكثر من مناسبة الى ضرورة احترام أربيل لقرارات المركز والالتزام بها، لكن من دون أية جدوى.



