الندافة مهنة تقليدية تواجه الانقراض

تُعد مهنة الندافة من الحرف التقليدية العريقة في العراق، حيث ارتبطت هذه الحرفة بصناعة الأواني الفخارية والنحاسية التقليدية، وكان أصحابها يحظون باحترام المجتمع نظرًا لدورهم في تلبية الاحتياجات اليومية والمناسبات الشعبية، غير أن هذه المهنة تواجه اليوم تحديات حقيقية تهدد استمرارها، وسط تراجع الإقبال عليها وانتشار البدائل المستوردة الرخيصة التي غزت الأسواق المحلية.
ويشير الحرفيون إلى أن “الطلب على منتجات الندافة التقليدية أصبح ضعيفًا جدًا، خاصة بين الشباب الذين يفضلون المواد الحديثة والمنتجات الجاهزة، وهو ما يضع النَّدَّاف أمام مأزق اقتصادي جعل الكثيرين يتركون المهنة أو يقتصرون على إنتاجات محدودة لمجرد الحفاظ على الإرث. كما أن ارتفاع أسعار المواد الأولية، وتقلبات السوق، والتنافس مع المنتجات المستوردة زادت الوضع تعقيدًا”.
ويقول أحد الحرفيين المخضرمين في بغداد إن “الندافة ليست مجرد مهنة، بل تراث متوارث من الأجداد، وكل قطعة نصنعها تحمل بصمة ثقافية، لكن للأسف مع ضعف الطلب أصبح من الصعب الاستمرار فيها”.
ويضيف أن” بعض الأسواق المحلية لا تشجع على بيع المنتجات التقليدية، بينما تهيمن المنتجات المستوردة الرخيصة على معظم المحلات، ما يجعل الحرفيين في مواجهة مباشرة مع تحديات اقتصادية وفقدان هوية المهنة”.
وتشهد بعض المحافظات التي ما تزال تحافظ على الطابع التقليدي للمجتمع مثل النجف وكربلاء والبصرة مبادرات محدودة من الجمعيات الثقافية لتنظيم ورش عمل وفعاليات تعريفية بهدف الحفاظ على هذه المهنة. لكن الحرفيين يؤكدون أن هذه الجهود غير كافية دون دعم حكومي مباشر يضمن حماية السوق المحلية وتحفيز الشباب على تعلم المهنة.
ويتفق خبراء التراث على أن “استمرار الندافة يتطلب دمج الحرفة مع السوق الحديثة من خلال تصميم منتجات تلائم أذواق العصر مع الحفاظ على الطابع التقليدي، إلى جانب دعم الصادرات التي يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للمنتجات الفخارية والنحاسية التقليدية. وإلا، فإن مهنة الندافة، التي حملت إرثًا ثقافيًا طويلًا، معرضة للاندثار بشكل نهائي في السنوات المقبلة”.



