كأنّ النزفَ نعيٌ سومريٌّ

مرتضى التميمي
يقيدني الزمانُ المستبيحُ
وتسحبني السلاسلُ والجروحُ
.
توسدتِ السنابكَ قافياتي
وأدمى روحَها الشعرُ الفصيحُ
.
وسال دمي كحبرٍ سومريٍ
تعثّرَ في كتابتهِ الوضوحُ
.
فيا شعري الذي أخفيت شعري
أتنكرني وينفيني الطموحُ
.
لماذا كلما أسرجت روحي
سراجاً من خلال دمي يلوحُ
.
تعاقبني المنصاتُ اللواتي
أتيتُ لهنّ في عينيّ روحُ
.
كأني سربُ صلبانٍ تنامى
على جسدي و أكتافي مسيحُ
.
ونزفي زاحفٌ كالنمل خلفي
ولم يترك جراحي تستريحُ
.
كأنّ النزفَ نعيٌ سومريٌّ
يردّدهُ على عمري النضوحُ
.
حملت دمي على مضضٍ وأمشي
لآخرتي وتلحقني القروحُ
.
وأثناء المسيرِ رأيتُ موسى
بصحراءٍ تظلّلهُ المُسوحُ
.
فقلت له مساء الخير قل لي
لماذا تيهُنا دوماً رجيحُ
.
فقالَ بلثغةٍ ماليس يُدرى
كأنّ السامريَّ له نَصوحُ
.
كأنّ الخضرَ غادرهُ ومالت
سفينتُهُ وخامرها الجنوحُ
.
مشيت محمّلاً بجراح عمري
وأيوبٌ بقلبي لا يروحُ
.
هو الحزنُ المعتّقُ يعتريني
ويدفعهُ إلى قتلي الجموحُ
.
وكنت موزّعَ الأشلاء أمشي
ويكبرُ بي الأنينُ ولا أنوحُ
.
إلى جبلِ الخطيئة كنت أمضي
لعلّ بلحظةٍ سيعود نوحُ
.
ليحملَني برغم النزفِ طفلاً
وحيداً من سلالتِهِ يشوحُ
.
ويلقيني على الجوديّ طيراً
كسيرَ الجنحِ ترفضُهُ السفوحُ
.
كما لحنٍ وحيدٍ كان يمشي
على خدّيهِ يلحقُهُ الضَّروحُ
.
يفتشُ عن قبورٍ تحتويهِ
فلم يأبهْ بجثتِهِ ضريحُ
.
فيا حزني الذي تعوي بروحي
كذئبٍ في توحّدهِ يسوحُ
.
تعبتُ من التنقّلِ في بلادٍ
إذا ما جئتها أسعى تشيحُ
.
تقافزتِ الشوارعُ من عيوني
وغُلّقتِ النوافذُ والسطوحُ
.
ومادرتِ الأزقّةُ ما أعاني
فحزني ليس تسعفهُ الشروحُ
.
ذهبتُ إلى الصفيحِ أجرّ عمري
فلم يعبأ بمذبحتي الصفيحُ
.
تعبتُ من المسيرِ فصرتُ ظرفاً
بصندوقِ الرسائلِ لا يبوحُ
.
فساعي حزنهِ أعمىً كسيرٌ
وحيدٌ في غيابتهِ طريحُ
.
سيبقى في ظروفِ الليلِ يجثو
لأنّ الصبحَ مكسورٌ شحيحُ
.
لأنّ مداهُ شمشيرٌ عتيقٌ
له في كل زاويةٍ ذبيحُ
.
له موتٌ تشرّبَ فيه حتى
تناءت عنه فرسانٌ وسوحُ
.
نظرت إليهِ أكفاني بكفّي
وعطرُ الحزن من جسدي يفوحُ
.
وأغمضتُ العيون فليس عندي
بلادٌ فالبلادُ هي الجروحُ
.
سكنت بها وأنفاسي تلاشت
وما هطلت على رئتيّ ريحُ
.
تعددتِ الوجوهُ فأيّ موتٍ
يباغتني هو الوجهُ المريحُ.



