اخر الأخبارثقافية

 “أهزوجة الليمون” قصائد عن إحساس الشاعر بالغربة في وطنه

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…

يرى الناقد محمد حسين أن الغربة في الوطن هي الهمُّ الأساس في مجموعة الشاعر حسين القاصد ” أهزوجة الليمون “وهو يرينا أن اغتراب الإنسان في رحم أمِّه التي أنجبته فذلك عذابٌ وجوديٌّ قاسٍ يُذكِّرنا بعذاب المعرّي.

وقال حسين في قراءة خص بها ” المراقب العرقي” شيءٌ مفرحٌ أن أقرأ مجموعةً مثل مجموعة القاصد ” أهزوجة الليمون ” فقد سبق لي أن قرأتها قبل أكثر من عام، وأعدتُ قراءتها قبل أيام فما وجدت إعجابي بها قد اختلف، ولا انطباعاتي عنها قد اختلفت؛ وفي ذلك دليل على أنّ إعجابي بها لم يكن عن مجاملة.

وأضاف :”أمّا وقد أُعجبتُ بها فقد لفت نظري في قراءتها أمورٌ منها:أنّها من الناحية الموضوعية شكوى صارخة من الغُربة، ولكنها ليست غربة مكانية تنتهي بانتهاء عودة المغترب إلى وطنه، إنما هي غربة روحية داخل الوطن. وأن يغترب الإنسان في رحم أمِّه التي أنجبته فذلك عذابٌ وجوديٌّ قاسٍ يُذكِّر بعذاب المَعرّي حين قال في اللزوميات:ما باختياريَ ميلادي ولا هرمي.. ولا حياتي فهل لي بَعدُ تخييرُ؟!”.

وتابع :”تواجهنا غربة القاصد منذ أوّل قصيدة في المجموعة إذ يفتتحها بقوله:

 من أوّل البوحِ حتى مطلعِ الشِّعْرِ.. أمشي ولا أحدٌ في صحبتي غيري

 وعندما لوَّحوا بالغيم قلتُ لهم .. إنّ الغيوم زهور الماء من نَهـري ،أمّا سببُ هذه الغربة فهو ما يعتقده الوجوديون من أنّ اللغة أداةُ سوء تفاهم لا أداةُ تفاهم؛ ولا يعني هذا أنّ شاعرنا قد نسخ عنهم ما يعتقدون، أو نسج على منوالهم ولكنّه إحساسٌ داخليٌّ يُحسّه بين مجتمعه؛ فهو لا يجد بينه وبين مجتمعه أداة تفاهم فيقول: أنا أصلُ هذا الكونِ ضاعتْ هويتي لذلك كلُّ الناس في الكونِ مُبهمة

ويقول:من يسلخُ التفسير من أهوائنـا حتى يُعيد لكلِّ صوتٍ مِـنبره

بل إنّه ليودّ أنّه لو يموت فيشعر ـ وهو يرثي نفسَه ـ بالغربة عن أبيه، وأهله، وأخوته فيقول:

 أخيراً كما أمّلـتُ ها أنا ميّتُ.. فلا تصطرخْ بالشِّعر للموتِ ضجَّةُ

 قريبٌ على الجدران نعيٌ لتنتهي.. روايتك الكبرى، وتخبـو وتخفت

 ستلقى أباً يبكي، وأهلاً، وأخوةً فمن هم؟ ودنياك القديمةُ غربـةُ 

وواصل :”وإذ ينتهي القاصد من حديث الغربة ينتهي برغبة خجول في الهجرة: هجرة لا تكاد تقول شيئاً:حين انتبهتُ إلى أرضي مشتْ قدمي وعندما لم أقف سمّيتها وطنــا”.

وأشار الى أن “القاصد ماهرٌ في كيفية القول فمن مهارته الانزياح اللغوي كمثل قوله: فخذ من تراب النوحِ مقدار خيمةٍ لتمضي وتمشي خلف نعشك خيمةُ

وكمثل قوله:كنّا عصافيراً وكان خـــرابةً بشفاهنا عطراً، وكسرةَ زقزقــة ،فالذي كنّا نعرفه أنّ الكسرة تكون للخبز، والكسر يكون للظلّ، ولم نكن نعرف قبل القاصد أن تكون للزقزقة كسرةٌ ككسرة الخبز، أفتكون زقزقة العصافير التي خنقها النظام الساقط معادلاً موضوعياً لكسرة الخبز؟ أظن أن ذلك كذلك، والقصيدة تؤيِّد ظنّي”.

وأشار الى أن “هنالك صور مدهشة لا أعرف كيف أصفها كمثل قوله:  ما أبأس البستان مرَّت نخلةٌ حُبلى تجاهلها فطاحتْ مُثمره

ومن مهارته في رسم الصورة أن يلجأ إلى ما يُعرف عند الرمزيين بتراسل الحواس كقوله: طوينا حضارات العراق وما لنا سوى ضحكة العينين، أو دمعة الشفة

ولفت الى أن القاصد  يلجأ إلى التراث العربي فيقلب دلالاته كأن يقول:

 ولادتنا قدّ الفراتُ قميــصَه عليها وقد ناحتْ فأهدته مأتَمه والدلالة القرآنية في سورة يوسف مقلوبة هنا، والقلب واضح ليست به حاجة إلى تبيان. ومثل ذلك قوله:أخاف عليها إذا تستفيـق وليس نهارُ الكـــلام نهارا”.

وأوضح أن” القاصد يلجأ أحياناً إلى التراث فيوميء إلى دلالتين كمثل قوله: رجائي الوحيدً صلاةُ البقاء فلا تقربوها وأنتم سكارى.

إذ الصدر هو معكوس ” صلاة الميت ” أو ” صلاة الجنازة ” ، على حين أنّ العجز من قوله تعالى: ( ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى )”.ويطول الحديث ولا أريد له؛ لأنّني أريد أن أنتقل إلى ما في المجموعة من جرأة لغوية كمثل قــوله: ” أطير لحيثك ” ، و: ” يشدوك قمحاً ”  وما إلى ذلك، ولا أريد أن أطيل أكثر ممّا أطلتُ؛ لأنّني أريد أن أقول: إنّ قراءة ” أهزوجة الليمون ” متعة فنّية، وإن القاصد شاعرٌ شاعر”.                             

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى