اخر الأخبارثقافية

يا سيّد الماء

مرتضى الشراري العاملي

أبـــو الـفـضيلةِ والـفـضلِ الــذي رُزِقــتْ
بــــه الـفـضـائلُ فـانـحـلّتْ لــهـا الـحَـلَـقُ

عــشــيـرةٌ جــلُّــهـا الأقــمــارُ، إنْ قــمــرٌ
يــنـمـازُ فـيـهـا، و وسْـــطَ الــنـورِ يـأتـلـقُ

فـتـلـك مـرتـبـةٌ فـــي الـحُـسـنِ بـاسـقـةٌ
الـخَـلْـقُ يـسـطعُ حُـسْـناً فـيـها، والـخُـلُقُ

عـبّـاسُـنـا قــمــرٌ، لــــو قـــد بـــدا قــمـرٌ
فـــي جـنـبِـه، فَـلَـمـا مــالـتْ لــه الـعُـنُقُ

كــــلُّ الــمـكـارمِ قــــد أمّـــتْ سـفـيـنتَهُ
تـخـشـى إذا انـتـبـذتْ يـجـتـاحُها الـغـرَقُ

يــا كـافـلَ الـشـمسِ، مـذْ فـارقتَ قـبّتَها
غـابـتْ سـريـعاً، وغـطّـى وجـهَها الـشفقُ

فـارقـتَ زيـنبَ، لـولا الـدينُ مـا غَـمضتْ
عــيـنـاكَ عــنـهـا. ومــــا الأرواحُ تـفـتـرقُ

يـــا ذا الـكـفـيلُ الـــذي كــادت مـروءتُـه
تُـحـيـيهِ إذ أمــسـتْ الـصـرخاتُ تـنـطلقُ

واللهِ لـــولا الـــردى مـــا قـلـقلوا وتَــداً
مـــــن الــخـيـامِ ولا كــانــت سـتـحـتـرقُ

لــكــنْ مـشـيـئـةُ حــــقٍّ جــــلَّ مُـبـرِمُـها
ســـــرُّ الــتــفـوّقِ بـالـتـسـلـيمِ مُـلـتـصِـقُ

نـحـارُ فـيـك، أبــا الـفـضلِ الــذي فَـرَقتْ
مـنـه الـجـيوشُ، وهـانـتْ عـنـده الـفِـرقُ

تــأتــي الــفــراتَ بــثـغـرٍ دكّـــهُ عــطَـشٌ
فــلـم تــذقْـهُ، وعـــذبُ الــمـاءِ يـأتـلقُ !!

لأنّ ســـبــطَ رســــولِ الله فــــي ظــمــأٍ
والـشـاربُ الـمـاءَ قـبـلَ الـسبطِ مُـختلِقُ

هــــــذا الـــوفـــاءُ بــعــبّـاسٍ كــخـافـقِـهِ
غــذّاه، حـتى انـتهى مـن صـدرِه الـرَمقُ

وقـــد تـخـلّـدَ بــيـن الــنـاس يـصـحـبُهم
يـفـنـى الــزمـانُ، ويـبـقـى ذكْـــرُه الـعـبِقُ

يــا سـيّـدَ الـمـاءِ، لــو قــدْ ذُقــتَ بــاردَه
مــا كـنتَ أنـتَ، ولا كـنتَ الـذي عَـشِقوا

هـيـهاتَ يـا ابـنَ أمـيرِ الـمؤمنينَ، ومَـنْ
كــفّــاهُ مُــــذْ خُـلِـقـا والـفـضـلُ يـنـدفِـقُ

نــهـرُ الــفـراتِ، وإنْ لـــم تُـسْـقَـه فـلـقد
ســقـيـتَ مــــاءَه فــضْــلاً نـبـعُـه غَـــدَقُ

يـا مـالئَ الـجودِ لـلعطشى، فـمُذ سُكِبتْ
لـم يـعطشِ الـدمعُ فـي الآمـاقِ، والحُرَقُ

كـــم ذا تـفـجّـرَ مـــن نـهـرٍ إذِ انـسـكبتْ
فــــــذا إبـــــاءٌ، وذا هـــــدْيٌ، وذا ألَـــــقُ

جــعـلـتَ جــــودَكَ يــــا عــبّـاسُ قـافـيـةً
لــلـمـاءِ، إنْ ذُكِــــرتْ فـالـوابـلُ الــغَـدِقُ

أمَّ الـبـنـينَ، ولـــو مـــا كـــان مِــن وَلَــدٍ
إلّا أبــــو الــفـضـلِ، فـالـعـلـياءُ والــبـلَـقُ

فــكــيـف والــنُــجُـمُ الأبـــطــالُ إخــوتُــه
فـــذا الـمـقـامُ الـــذي هـيـهـات يُـلـتَحقُ

لــو قــد أردتُ سـريـعَ الـشِّعرِ لانـدفعتْ
خــيـلُ الـقـريـضِ مــن الأضــلاعِ تـنـعتقُ

لــكــنْ أنــقّـبُ عـــن مـعـنـىً يـلـيـقُ بـــه
وســـوف يـعـجزُ حـتـى الـشـاعرُ الـحـذِقُ

طــفـقـتُ أنــظــرُ نــحـو الــطـفِّ أســألُـه
بــعـضَ الـبـلاغـةِ، عـــلَّ الـشـعـرَ يـنـفتقُ

فـعـانـق الــطـفُّ، كـــلُّ الــطـفِّ، قـافـيتي
أنّــى نـظـرتُ فـقـد حــارتْ بــيَ الـحَـدَقُ

كــلُّ الـبـقاعِ أتــتْ لـلـشعرِ، وازدحـمـتْ
تــــروي مــعـاجـزَ مَـــن إبــطـاؤُه سَــبَـقُ

الـنـهرُ طـأطـأ، والـشـطآن قــد سـجـدتْ
والإنــسُ والـجـنُّ والأمـلاكُ قـد شَـهَقوا

فـــمـــا رأَوْه أعــاجــيــبٌ بــــــلا عـــــددٍ
ولـيـس مــن عَـجـبٍ لــو أنـهـم صُـعِـقوا

أمّــــا الـشـجـاعـةُ: فـالـعـبّـاسُ سـيّـدُهـا
وغــمــدُ ســيـفِـه: فــالأحـشـاءُ والـعُـنُـقُ

مــع كــلِّ بــرقٍ بـدا مـن سـيفِه هـطلتْ
لــــه الــرقـابُ، وصـــار الـكـفـرُ يـحـتـرقُ

كـــأنّــه الــجــيـشُ لا فـــــرداً يــفـرّقُـهـم
لا الـسيفَ لـكنْ لـهيبَ الشمسِ يمتشقُ

تــلــك الـفـضـائـلُ لا أســفــارَ تـجـمـعُـها
يـجـري الـمـدادُ وإنْ قــد أُتـخِـمَ الـورقُ!

أرِقـــتُ أعــجـبُ مـــن مــاءٍ أريــقَ، ومــا
أُريـــقَ مـــن مُـقـلٍ فـيـه، ومَــن رَشَـقـوا

لــــو أنــهــم عــلـمـوا أنّ الــدمــاءَ لــهــا
مـا لـيس لـلسيفِ مـن نـصرٍ لـما حَمِقوا

لــكـنْ أُمِـــدَّ لــهـم فـــي غـيِّـهم، ولـقـد
تـوهّموا الـنصرَ في الوقتِ الذي مُحِقوا

أرِقــــــتُ أنـــقـــشُ لــلـعـبّـاسِ قــافــيـةً
تـحـلـو الـقـوافـي لــه، والـنـقشُ، والأرَقُ

نــجــدّدُ الـــروحَ بـالـذكـرِ الــشـذيِّ لـــه
والــروحُ ثــوبٌ، بـلا خـيطِ الـهدى، خَـلِقُ

والـــقــاف تــســعـدُ إذْ غــنَّــتـهُ قــافــيـةً
والـبـحـرُ بَــسْـطٌ، فـــلا رهْـــوٌ، ولا قَـلِـقُ

قــبـل الـقـصيدةِ فـالـقرطاسُ مــن وَرَقٍ
وبــعــدَ ذِكــــرِكَ يــــا عــبّــاسُ فــالـوَرِقُ

يــــا مَــــن وَثِــقــتَ بــعـبّـاسٍ لـمـسـألـةٍ
فــأنـتَ مــثـلُ الـــذي بـالـمُصطفى يـثِـقُ

بـــــابُ الــحــوائـجِ، لايــنــفـكُّ يــبـذلُـهـا
فـــدأبُــه الــفــتـحُ والأبـــــوابُ تــنـغـلِـقُ

يــــا ســيّـدي طـلـبـي أن لا يُـــرى طـلـبـي
فــأنــتَ تــــدري و دأبُ الــمــرءِ يـنـزلـقُ

تـسـبـيـحُ ربّــــي وحــبّــي لــلأُلـى نَــسَـقٌ
فـــرْدٌ، وبـلـسـمُ روحـــي ذلـــك الـنَّـسَقُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى