اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

ملايين الدولارات في كردستان تُهدر على الدعاية الانتخابية

بعد سرقة لقمة المواطن الكردي


المراقب العراقي / أحمد سعدون..
في الوقت الذي تعيش فيه مدن إقليم كردستان أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في تأخر صرف الرواتب وازدياد معدلات الفقر والبطالة، تشير تقارير إعلامية ومصادر محلية إلى أن الحزبين الكرديَّين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ، أنفقا ما يقارب “600” مليون دولار على حملتهما الدعائية استعداداً للانتخابات المقبلة، في واحدة من أغلى الحملات الانتخابية في تأريخ الإقليم.
هذا الرقم الفلكي يأتي في وقت يصف فيه مراقبون الوضع المعيشي في الإقليم بأنه الأسوأ منذ أعوام، إذ تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين بشكل حاد نتيجة تأخر الرواتب لأشهر طويلة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، بينما يعيش آلاف الموظفين والمتقاعدين على الديون أو المساعدات العائلية.
ويرى مراقبون أن” ضخ هذا المبلغ الضخم في الدعاية الانتخابية يسلط الضوء على الفجوة العميقة بين الطبقة السياسية الحاكمة والمجتمع، فبدلاً من توجيه الأموال نحو دعم الفئات المتضررة أو إصلاح البنى التحتية المتهالكة في السليمانية وأربيل ودهوك، يتم توظيفها في حملات ترويجية تعتمد على المهرجانات والملصقات والبرامج الإعلامية المُكلِفة، في محاولة لشراء الولاءات واستعادة الثقة التي تآكلت بفعل سنوات من سوء الإدارة والفساد المالي”.
ويشير المراقبون إلى أن” المشهد الانتخابي في الإقليم بات ساحة مفتوحة لاستعراض النفوذ المالي والسياسي، حيث تتنافس شركات الإعلان ووسائل الإعلام المقربة من الحزبين على العقود الضخمة لتمويل البرامج والمهرجانات الانتخابية، في وقت يعاني فيه القطاع الخاص ركودا غير مسبوق بعد توقف المشاريع الاستثمارية وتراجع الحراك التجاري”.
وفي المقابل، تتصاعد الأصوات المعارضة التي تصف هذا الإنفاق بأنه شكل من أشكال الإسراف السياسي المُقنّع، إذ تُصرف الأموال في وقت يعيش فيه المواطن الكردي حالة من القلق الدائم بشأن قوت يومه ومستقبل أطفاله، بينما لم تتمكن حكومة الإقليم حتى الآن من الاتفاق بشكل نهائي مع بغداد حول آلية صرف الرواتب وضمان وصول الحصص المالية من الموازنة الاتحادية بانتظام.
وحول هذا الموضوع أكد المعارض الكردي لقمان حسن في حديث لـ”المراقب العراقي”، أن” ما يجري اليوم في إقليم كردستان يعكس حالة انفصام تام بين الطبقة السياسية الحاكمة وواقع الناس الذين يواجهون الجوع والعوز، بينما تُهدر مئات الملايين على اللافتات والاحتفالات الدعائية”.
وأضاف أن “إنفاق هذه الأموال الطائلة على الدعاية الانتخابية في ظل أزمة الرواتب يمثل إهانة مباشرة للشعب الكردي الذي يعيش تحت وطأة الغلاء وتراجع الخدمات الأساسية، مبيناً أن هذا السلوك السياسي يكشف عن استخفاف واضح بمعاناة المواطنين”.
ولفت الى أن ” هذه الأموال التي تصرفها الأحزاب على الدعاية يمكن أن تستخدم لتسديد رواتب الموظفين المتأخرة منذ أشهر أو لدعم قطاعات الصحة والتعليم التي تعاني الانهيار، مشيرا الى أن الانتخابات المقبلة لن تكون اختباراً ديمقراطياً بقدر ما ستكون معركة بقاء للأحزاب التي تسيطر على الثروة والإعلام”.
وفي ذات السياق أكد مختصون في الشأن السياسي أن” هذا الإنفاق المفرط يعكس خوف الأحزاب الحاكمة من خسارة القاعدة الشعبية التي بدأت تتلاشى بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة واحتكار الموارد وتهميش المحافظات الفقيرة، التي تشهد موجة نزوح داخلية نحو المدن بحثاً عن فرص عمل أو مصادر معيشة أكثر استقراراً”.
في الوقت ذاته يرى المختصون أن” إقليم كردستان يمر بمرحلة مفصلية، فحجم السخط الشعبي لم يعد خافياً، والاحتجاجات المتفرقة التي شهدتها السليمانية وأربيل في الأشهر الماضية كانت دليلاً على أن الشارع لم يعد يحتمل وعوداً جديدة أو شعارات انتخابية براقة، بل ينتظر حلولاً حقيقية تعيد له أبسط حقوقه المعيشية”.

ولفتوا الى أن” استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انفجار اجتماعي مؤجل، لأن الأزمة لم تعد مالية فحسب، بل تحولت إلى أزمة ثقة شاملة بين المواطن والحكومة، حيث يشعر الناس بأن السلطة في كردستان باتت تُنفق ببذخ على صورتها بدلاً من تحسين واقعهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى