الصاعقة.. مقاتلة شبحية إيرانية قادرة على حمل أربع قنابل موجهة

تُعد المقاتلة الإيرانية المُسماة الصاعقة، والملقبة بـ “طائر البرق”، طائرة استطلاع وقتال شبحية، سريعة وخطيرة، صُممت لتجمع بين الدقة والسرية، وقادرة على حمل أربع قنابل موجهة داخل هيكلها الداخلي، حين تحلق في الأجواء، بالكاد ترصدها أجهزة الرادار.
وبدأت قصة «الصاعقة» عندما تمكنت إيران من إسقاط طائرة أمريكية من طراز RQ-170 Sentinel، لتقوم فرقها الهندسية بعملية عكس هندسة تقنية الطائرة واستنساخ تصميمها، ومن تلك التجربة وُلدت «الصاعقة»، لتعلن عن دخول إيران عصر الطائرات الشبحية القتالية.
ويتميز هيكل الطائرة المصنوع من مواد مركّبة خفيفة وشديدة الامتصاص للموجات الرادارية بتصميمه على شكل جناح طائر مائل الزوايا، يخفيها عن أنظمة الكشف. شكلها يوحي بالغرابة، لكنه يعبّر عن كمال انسيابي في الديناميكية الهوائية، فكل انحناءة وزاوية فيها تؤدي وظيفة خفية في تعزيز قدرتها على التخفي.
وتعمل «الصاعقة» بمحرك توربيني نفاث محلي الصنع، رغم بساطته، ويمنحها سرعة تقارب 350 كيلومتراً في الساعة، مع قدرة على التحليق على ارتفاع 30 ألف قدم فوق أنظمة الدفاع الأرضية. ومن هذا العلو، تقوم بالاستطلاع والهجوم بدقة جراحية، تدوم مهماتها القتالية حتى خمس ساعات، ويصل مداها التشغيلي إلى 500 كيلومتر تقريباً.
وتحمل الطائرة في جوفها، أربع قنابل ذكية من نوع سديد، موجهة بالليزر والأنظمة الكهروضوئية، قادرة على إصابة الأهداف بدقة عالية. وتبقى تلك الذخائر داخل حجيراتها الداخلية، حفاظاً على خاصية التخفي. تُطلق «الصاعقة» من منظومة إطلاق أرضية مثبتة على شاحنة، دون الحاجة إلى مدرج، إذ تُقذف على سكة انطلاق حتى يعمل محركها النفاث، وتهبط باستخدام زلاجات انزلاقية ومظلة فرملة، ما يسمح بتشغيلها من أي أرض مستوية أو طريق صحراوي.
ولا تقتصر مهامها على القتال فحسب، بل تُستخدم أيضاً كمنصة استطلاع متقدمة، مزودة بكاميرات نهارية وحرارية EO/IR تتيح لها مراقبة مسافات بعيدة، مع بث مباشر مشفّر لقادة العمليات على الأرض، لتتحول في لحظة من طائرة مراقبة إلى مهاجم خفي.
اليوم، أصبحت «الصاعقة» عنصراً ثابتاً في تشكيلات وحدات الطائرات المسيرة التابعة للحرس الثوري الإيراني، ويُدرَّب مشغلوها على التحكم السريع والمنخفض الإشارة لتحقيق أعلى مستويات التخفي، وغالباً ما تُستخدم لتوجيه الضربة الختامية في العمليات متعددة المراحل.
وتشبه «الصاعقة» في مظهرها القاذفة الأمريكية B-2، لكنها أصغر حجماً بكثير، فبينما تعمل الـB-2 على نطاق عالمي، صممت «الصاعقة» للعمليات الإقليمية التكتيكية، غير أن الفلسفة واحدة: «اضرب من دون أن تُكتشف». ولهذا صارت ركيزة في مهام الدفاع الوقائي، إذ تُطلق في السماء قبل أي تهديد محتمل لتشكّل قوة ردع صامتة.
والنسخ الأحدث منها تحمل مستشعرات مطوّرة ومدى أطول، ويعمل المهندسون على إدخال نظام طيران جماعي (Swarm) بالذكاء الاصطناعي يسمح لعدة طائرات «الصاعقة» بالتعاون في التحليل والهجوم خلال المهمة الواحدة، في خطوة تمهد لدخول إيران مرحلة حرب الطائرات الذكية.
ورغم محدودية الإنتاج بسبب تعقيد مكوناتها النفاثة، تُشير التقارير إلى تصنيع عشرات الوحدات حتى الآن، مع سعي مستمر لتحقيق اكتفاء ذاتي كامل في تصنيع المحركات النفاثة.
وإلى جانب طائرات شاهد 136 الانتحارية، وشاهد 129 الدورية، تشكل «الصاعقة» ثالوث الطائرات المسيرة الإيرانية: الأولى للهجمات الكثيفة، والثانية للاستطلاع الطويل، والثالثة للضربات الدقيقة مع العودة بسلام.
تطوير محركها الصغير كان من أصعب مراحل المشروع، وقد أنجز تحت وطأة العقوبات الدولية وبموارد محدودة. ومع ذلك، نجحت إيران في إنتاج مواد مركبة وأنظمة تحكم رقمية محلية بالكامل، لتصبح «الصاعقة» نتاج سنوات من المثابرة والتطور التقني.
وتشير التقديرات إلى أن النسخ المستقبلية منها ستكون أكبر وأسرع وربما مزودة بمحركين نفاثين، مع مدى قد يصل إلى ألف كيلومتر، إضافة إلى قدرات ذاتية في التحكم والاستهداف بالذكاء الاصطناعي، وهكذا تمثل «صاعقة» الخطوة الأولى نحو أسطول جوي ذكي بالكامل.



