لوحات التشكيلي علي كريم صور “تهكمية” للطغاة ونياشينهم المختومة بالهزيمة

المراقب العراقي/ المحرر الثقافي..
في أعمال علي كريم التي ضمها معرضه الذي يحمل عنوان (صور تذكارية) الذي أقيم على صالة سلام عمر بمنطقة الوزيرية ببغداد، نرى وجوه الجنرالات وهم يرفلون بالنياشين المعلقة على صدورهم المختومة بالهزيمة، جنرالات بملامح قاسية أو تصطنع القسوة وتعمد تشويه ملامحها، لأنها هشة ومنخورة من الداخل، تلك الهشاشة التي تأتي بفعل كونها شخصيات كارتونية مربوطة بخيوط ظاهرة أو مستترة.
وقال الناقد رحيم يوسف في قراءة نقدية خصَّ بها “المراقب العراقي”: “كلما مررت في سوق شعبي تعرض فيه الأوسمة والنياشين التي صدئت بفعل السنين، استعيد سنوات الحروب التي لم تغادرني، ليست الحرب بذاتها بل مخرجاتها التي حفرت أخاديد حزنها في أرواحنا جميعا، استعيد وجوه القتلى، أصحابي القتلى الذين أكلتهم الحروب، وبقيت صورهم التي بهتت كما النياشين، معلقة على جدران بيوتهم التي لم أعد أعرف الطريق اليها، وأعيش وهم الوطن مجددا بعد ان حاولت نسيان هذا الوهم، استعيد وجوه الجنرالات الحليقة الذين ربطتني بهم علاقات عمل منذ زمن بعيد، وزهوهم وهم يتقلدون الأوسمة والنياشين وهم يرتعدون من الداخل في حضرة قائدهم بنياشينه التي تفوق في عددها كافة نياشين جنرالات الحروب العالمية الكبرى، وهو يعيش الوهم، الوهم الذي يدور به الجميع، فكلنا نعيش في دوائر من الوهم الذي حاولنا نسيانه أو ان نتناساه على أقل تقدير، ليأتي علي كريم ويشير بأصابعه العابثة باتجاه زيف الوهم الذي عاشه الجميع، ويسرده لمن عاشه أو لم يعشه بلغة لونية بالغة الجمال أشارت الى جرأته”.
وأضاف، “انها ظلال الحروب أو مخرجاتها التي أكلت أعمارنا وسببت لنا خواءً سيرافقنا حتى وحشة قبورنا، بعد وحشتنا الأولى التي فقدنا فيها من نحب، لنعيش في ذات الخواء، وهو ذات الخواء الذي رافق أيامنا، غير انه يختلف عن خواء الجنرالات الذين عرضت نياشينهم على الارصفة يمر بها الجميع دون اكتراث بعد ان فقدت بريقها الزائف وغلفها الصدأ، ذلك الزيف الذي رافق ايامهم حتى الموت”.
وتابع: ان “العمل ضمن نطاق التعبيرية الجديدة كمسار اسلوبي والتي تصنف ضمن فنون ما بعد الحداثة والتي يعاد اكتشافها عراقيا، ويعمل فيها على نطاق واسع عبر الكثير من التجارب تشير الى انها ستساهم في التخلص الرثاثة البصرية وتحد من الرتابة والتكرار الشكلي المنتشر في العديد من التجارب التجريدية أو التجريدية التعبيرية وذلك لوجود تشابهات شكلية تقع في خانة الاستسهال بالعمل الفني وبثه”.
وأوضح: ان الفنان التشكيلي علي كريم، ورغم حداثة عهده في عالم الفن التشكيلي العراقي المعاصر نسبيا، إلا انه تمكن من امتلاك مفاتيح الولوج الى عالم الجمال، عبر بث تجربة جمالية تنبئ عن طاقة واعدة في هذا المضمار الصعب إذا استمر في عمله الجاد وهو كما يبدو كذلك، ومع وجود تأثيرات واضحة لتجارب عالمية سابقة، إلا ان ما يتناوله في هذه التجربة هو انعكاس لأحداث كبيرة امتدت لزمن طويل في هذه البلاد المنكوبة منذ أمد بعيد/ ولا ضوء يلوح في آخر النفق المظلم الذي تعيشه وذلك لاستمرار تلك الأحداث فيها بشكل أو بآخر/ إلا انه تمكن من اعادتنا نحن ابناء الجيل الذي كان في خضمها أعادنا صوبها مجدداً لنستعيد شريطها بعد ان حاولنا ان نتناساها، يعيدنا عبر مجموعة من السطوح التصويرية التي قد تتماهى شكليا مع تجارب عالمية بثت من قبل، غير ان فطنته جعلته يبتعد عنها باتجاه عراقيته الخالصة في تجربته المبثوثة التي جاءت بروحية تقترب كثيرا من الكاريكاتير بقصدية واضحة، تجعلنا نكتشف بوضوح ما هو متواري خلف تلك السطوح التي غصت بالمشخصات دون ترك مساحات للاسترخاء والتأمل”.



