اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

الخارجية تتسرع بالترحيب وتخالف الموقف العراقي الداعم لفلسطين

خطة ترامب “سلام” بصبغة “الاستسلام”


المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
منذ أكثر من عامين، يرتكب الكيان الصهيوني، مجازر وإبادة جماعية بحق أبناء غزة، تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والبلدان العربية والإسلامية التي تخلّت عن قضية الأمة باستثناء دول محور المقاومة، التي مازالت تقف ضد المشاريع الاستكبارية في المنطقة، وهي الطرف الوحيد الذي مدَّ يد العون والمساعدة لشعب غزة، وهي الجهة الوحيدة التي يمكنها ان تتحدث نيابة عن الفلسطينيين في هذه المرحلة، ولاسيما ان هناك دولاً، تحاول ان تظهر بأنها راعية للسلام عبر مقترحات ذليلة لوقف إطلاق النار في غزة، آخرها مبادرة الرئيس الأمريكي ترامب والتي يريد منها ان يعكس صورة إيجابية عن الولايات المتحدة المتهم الرئيس بما جرى من مجازر في المنطقة.
خطة ترامب لإنهاء القتال في غزة هي عبارة عن خطوة للقضاء على المقاومة في القطاع بشكل نهائي، واقصاء حماس عن جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، وجعلها تحت إشراف قوات دولية يشرف عليها ترامب، بمعنى انه احتلال وتهجير قسري مغلّف بعنوان الهدنة ووقف إطلاق النار، إذ أكد مراقبون، ان الخطة مفصلة وفقاً لمطالب الكيان الصهيوني وحكومة نتنياهو، وقد رحبت فيها اللوبيات الصهيونية في واشنطن، وبالتالي فأنها ستكون بمثابة بوابة لحماية الكيان الغاصب من أي وجود مسلح يقف بالضد من المخططات الاستيطانية الإسرائيلية.
ردود الأفعال الرافضة لخطة وقف إطلاق النار توالت من مختلف البلدان، سيما بلدان محور المقاومة التي رأت انها محاولة لإنهاء المقاومة الإسلامية في غزة، مؤكدة، انها تمثل المرتكز الأساس والرؤية الشاملة لعملية إدماج الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط من منطلق القوة العسكرية، لكن بطريقة مختلفة، وفرض وقائع جديدة على حساب القضية الفلسطينية والمقاومة، فيما ترى أطراف أخرى، بأن ترامب لا يحاول وقف القتال في غزة فحسب، بل يريد محو القضية الفلسطينية بشكل تام، حتى لا تعاد أحداث “7 أكتوبر” التي هددت مصالح الغرب في المنطقة بشكل عام.
الموقف العراقي منذ بداية أحداث السابع من أكتوبر وصف بالمُشرف، والجميع أشاد بخطاب بغداد خلال المؤتمرات والقمم العربية، وجاء متناغماً مع رغبة الشعب العراقي الذي ساند غزة بالقول والفعل، لكن ما يستغرب ويثير علامات الاستفهام هو بيان وزارة الخارجية بشأن خطة ترامب، إذ جاء الموقف العراقي مؤيداً للخطط الأمريكية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والشعبية، والتي أكدت الحكومة انه يجب ان لا تخضع للإملاءات الأمريكية، سيما وان هناك مخططاً استكبارياً يشمل دول المنطقة من بينها العراق.
ويرى مراقبون، ان بيان وزارة الخارجية كان صادماً، ومخالفاً لموقف العراق الثابت والمؤيد للقضية الفلسطينية، مشيرين الى ان ضغوطاً وتهديدات أمريكية وإسرائيلية، قد تكون دفعت بغداد الى تأييد خطة ترامب التي تعتبر ضياعاً لحقوق أهل غزة ولسنوات الجهاد ضد الكيان الغاصب، لذا لا بدَّ على الحكومة متمثلة بوزارة الخارجية، ان تعيد النظر ببيانها، حتى لا تكون شريكة بالعدوان والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي عباس الجبوري لـ”المراقب العراقي”: إن “بيانات وزارة الخارجية دائماً ما تكون مخجلة، لأننا للأسف الشديد، لا نمتلك دبلوماسية واعية ومدركة لما يدور في المحيط الإقليمي والدولي، وهذا يأتي بسبب قصور وعي وتفكير القائمين على وزارة الخارجية”.
وأضاف الجبوري، أن “الدبلوماسية تمثل وجهة النظر الحكومية والشعبية، فمن المثير للاستغراب عندما يكون هناك عدوان وحشي بمستوى العدوان الصهيوني على غزة، ونحن نذهب ونجامل أمريكا والكيان الصهيوني”.
وأشار الى ان “جميع بيانات ومواقف وزارة الخارجية منذ بداية طوفان الأقصى ولغاية يومنا هذا، لم تكن بمستوى الغليان الشعبي ولا بمستوى توجهات العراق”، منوهاً الى ان “الشعب العراقي يرفض رفضاً قاطعاً العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني”.
وبيّن الجبوري، أن “المشكلة الحقيقية تكمن في وزارة الخارجية والحزب المسيطر عليها، فهي تحاول ان تديرها وفقاً لرغبات حزب معين، فهذا الوزير لم يقدم أي شيء للدبلوماسية العراقية، على الرغم من وجوده بالوزارة منذ ثلاث سنوات”.
يشار الى ان وزارة الخارجية العراقية، تواجه انتقادات منذ سنوات، بسبب تحويلها الى مؤسسة حزبية تابعة للأكراد، لأنها وفقاً لنظام المحاصصة من حصة الأكراد، الذين يحاولون تجيير قراراتها بما يخدم المصلحة الكردية، وبالتالي تطالب الكثير من الجهات بإسنادها الى جهات وطنية تهمها مصلحة وسمعة وموقف العراق.

يذكر ان خطة ترامب طُرحت في وقت كان العدوان الصهيوني والمجازر اليومية تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة، بدعم من أمريكا، وبالتالي، فأن دعوات وقف إطلاق النار، هي مجرد خطة بديلة لاحتلال غزة، والقضاء على المقاومة فيها، بعد فشل الكيان الصهيوني في اجتياحها برياً، رغم عمليات القصف العشوائي وتدمير بناها التحتية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى