الحكومة تصرف مستحقات الفلاحين في كردستان وتؤجل أبناء الجنوب

ازدواجية التعامل تثير سخط الجماهير
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
يشهد ملف مستحقات الفلاحين في العراق، حالة من التفاوت والازدواجية الواضحة في التعامل بين إقليم كردستان والمحافظات الجنوبية، حيث تواصل الحكومة، صرف مستحقات الفلاحين في الإقليم بشكل منتظم، في حين يعاني فلاحو الجنوب، تأخيراً وتقسيطاً غير مبرر في دفع مستحقاتهم، رغم مساهمتهم الكبيرة في الإنتاج الزراعي الوطني.
وتشير بيانات وزارة التجارة إلى أن العراق حقق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة، خلال الموسم الزراعي الحالي والسنوات الأخيرة، بفضل توسع المساحات المزروعة وارتفاع معدلات الإنتاج في المحافظات الجنوبية، مثل واسط والديوانية وذي قار والمثنى، إلا أن هذه المحافظات، لا تزال تعاني تسويفاً واضحاً في دفع مستحقات الفلاحين.
مصادر محلية أكدت، أن الفلاحين في بعض المحافظات الجنوبية، لم يتسلموا سوى دفعة واحدة من مستحقاتهم منذ أشهر، ما أثر سلباً على أوضاعهم المعيشية، وقدرتهم على الاستعداد للموسم الزراعي المقبل.
في المقابل، نال فلاحو إقليم كردستان، مستحقاتهم بشكل شبه كامل، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة، بشأن آلية توزيع الأموال الحكومية وغياب مبدأ العدالة في التعامل مع المواطنين في مختلف مناطق البلاد.
ويرى مراقبون، أن “هذه السياسة تسهم في إحباط الفلاحين بالمحافظات المنتجة، وتشجع على العزوف عن الزراعة، في وقت يسعى فيه العراق الى تعزيز أمنه الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد”.
ويطالب فلاحو الجنوب، الجهات المعنية، بضرورة إنهاء هذا التمييز، والإسراع في صرف مستحقاتهم كاملة دون تأخير، مؤكدين، أن الإنصاف في التعامل مع جميع المزارعين، هو الخطوة الأولى نحو تنمية زراعية شاملة في البلاد.
فيما يرى مختصون، أن “هذا التمييز يعكس خللاً واضحاً في سياسات الحكومة الاتحادية التي تتعامل مع ملف الزراعة بشكل غير متوازن، حيث تمنح امتيازات للإقليم على حساب مناطق أخرى ساهمت بفعالية في تأمين الأمن الغذائي الوطني”.
وأشار مختصون إلى أن “حكومة بغداد أدرجت بند “تسوية المستحقات” ضمن موازنة 2025، ما يعني أن جميع الفلاحين سواء في الشمال أو الجنوب، يجب أن يعاملوا على قدم المساواة، لكن التطبيق الفعلي على الأرض، يظهر انحرافاً في هذا التوجه، ويضرب بمبدأ العدالة الاجتماعية عرض الحائط”.
اللافت، أن “الجهات الحكومية لم تقدم حتى الآن، تفسيراً واضحاً لهذا التفاوت، رغم تصاعد الأصوات النيابية التي طالبت بفتح تحقيق في آلية الصرف ومحاسبة الجهات التي تتعمد تأخير مستحقات الفلاحين في المحافظات المنتجة”.
كما دعت نقابات الفلاحين إلى عقد جلسة طارئة في البرلمان، لمناقشة أسباب تأخير الصرف في الجنوب، مطالبة الحكومة الاتحادية بإيضاح المعايير التي تعتمد في توزيع الأموال، وتحديد الجهات التي تقف وراء هذا التمييز، الذي يهدد بتقويض جهود العراق في تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقرار الغذائي.
وفي السياق نفسه، أوضح المهتم بالشأن الاقتصادي عبد الحسن الشمري في حديث لـ”المراقب العراقي”، ان “تأخير صرف المستحقات، لا ينعكس فقط على الفلاحين، بل يهدد المنظومة الزراعية ككل”، لافتاً إلى أن “استمرار هذا التفاوت قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي في المحافظات الجنوبية، وعودة العراق إلى مربع الاستيراد، بعد أن قطع شوطاً كبيراً نحو الاكتفاء المحلي”.
وأضاف، أن “الشعور بالغبن والإهمال لدى الفلاح، يولد حالة من الاحتقان الاجتماعي، ويضرب ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وهو ما قد ينعكس سلباً على الاستقرار في هذه المناطق”.
وأردف، ان “هذا التأخير تسبب بأزمات مالية خانقة لدى آلاف الفلاحين الذين يعتمدون على هذه المستحقات، لتسديد ديونهم وشراء مستلزمات الموسم الزراعي المقبل، في ظل ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات والوقود”.
في وقت يفترض فيه أن تُكافَأ المحافظات المنتجة وتمنح الأولوية في الدعم، تتعرّض مناطق الجنوب الزراعي إلى تهميش واضح في سياسات الصرف الحكومي، مما يستدعي وقفة جادة لإعادة تصحيح مسار العدالة، في توزيع الحقوق وتحقيق التنمية الزراعية المتوازنة في عموم البلاد.



