التشكيلي ضياء العزاوي يستحضر أحزان غزة وبغداد وبيروت

في معرضه الجديد ” شهود الزور”
المراقب العراقي/ المحرر الثقافي ..
“لأهميته المزدانة بالانحياز للقضايا المصيرية ،يتواصل معرض “شهود الزُّور” للفنان التشكيلي العراقي ضياء العزاوي (1939) الجديد، على قاعة غاليري صالح بركات في بيروت حتى نهاية تشرين الأول المُقبل. المعرض هو جولةٌ بيروتية تمثّل خلاصة تجربة، وعودة إلى المدينة التي نظّم فيها معرضه الأول خارج العراق أواسط الستينيات، ولعل ابرز مميزات المعرض أنه يستحضر وجع الأطفال الفلسطينيين في غزة.
في الطابق العُلوي من الغاليري، تُطالعنا مجموعة تخص القضية الفلسطينية مثل تمثال “حنظلة في لبنان” تحيةً للرسام الفلسطيني ناجي العلي، بالإضافة إلى رسومات فحمية من سلسلة “ليلة الإبادة” (2023)، ودفتر فنّي بعنوان “غزة: الألم الذي فتح عينَي ابنتي” (2025). لمحةٌ سريعة تُقدَّم بامتداداتٍ أوسع حين ندلف إلى الطابق السفلي الذي يكشف أولاً عن جدارية مزدوجة بعنوان “خريطة لبغداد بعد 2003” (أكريليك على قماش، 2023)، بالإضافة إلى تماثيل طوطمية بلا عنوان، مشغولة من البرونز.
بالوصول إلى قلب المعرض نجد أنفسنا أمام أربع جداريات ضخمة، يتوسّطها تجهيز عنوانه ” بين مدينتين: الموصل وحلب” (بوليستر ريزن، 2020) مثقلٌ بنزعة تدميرية طللية، يمتدّ على أرضية القاعة.
في الجدارية الأولى (أكريليك على قماش، 800×270سم) التي يستمدّ المعرض عنوانَه منها، لدينا مزيجٌ تجريدي من الخطوط، يُظلّل الأسود والأحمر المشهد ، وبالمثل حالةُ التقابل بين جداريَّتَي “الموصل: بانوراما الدمار” (قطن، وأكريليك، وصوف، وخيوط، 280×1000سم)، و”أمنيات خفيّة” (أكريليك، وزيت باستيل على قماش، 200×900سم)،وهي عن التدمير الدي لحق بالموصل اثناء احتلالها من قبل عصابات داعش الاجرامية.
وتعود تأثيرات بيكاسو لتحضر بقوّة تجريدية لا بوصفها اقتباساً شكلياً فحسب، بل منهجاً تفكيكياً وإعادة تركيب للحدث والذاكرة، حيث تتناوب شظايا المدن والوجوه والحيوات في مسطّحات متكسّرة، تجعل الخراب لغة تشكيلية بحدّ ذاته، وتحوّل الألم الجمعي إلى بنية بصرية تفتح المجال للتأمل فيما بعد الكارثة وما بعد الشهادة.
من جهته قال الناقد رحيم السيد في تصريح خص به ” المراقب العراقي” إن” ضياء العزّاوي ومن خلال لوحاته واعماله النحتية في معرض «شهود الزور» يحاول ان يربط بين الالم العراقي والالم الفلسطيني الممتد من بغداد إلى غزة لوجود الكثير من المشتركات بين الشعبين ولكونهما ينتميان الى المعاناة نفسها وهي الاحتلال ولا أوضح من فن ضياء العزاوي لتظهير أهوال الحرب بأعمال قاتمة، صادمة، مؤثّرة وذات وقع في العين والوعي والوجدان “.
وأضاف: إن” المعرض الجديد يضم بين ثناياه جداريات ضخمة وتجهيزات طينية ونحتية تعبّر عن مآسي المدن العربية من بغداد وحلب والموصل إلى غزة ،وهي ذات رؤية فلسفية وفنية تعكس مأساة تلك الشعوب التي ابتلت بالحروب والارهاب، في محاولة لتشكيل ذاكرة بصرية للألم والدمار المجسد في لوحات ذات الوان تحمل رائحة الخراب والدخان والانتماء الى الارض البكر”.
واشار الى أن “ضياء العزّاوي وعلى الرغم من غربته الطويلة الممتدة أكثر من اربعة عقود عن العراق الا انه كان ومازال المنتمي لا إراديا إلى كل مآسي العراق والوطن العربي، من بغداد إلى غزة وبيروت، ويعبّر عن آلامه بجدارياته مفجّراً فيها حزنه على مدن الحضارة، بل مدن الإنسان العربي المنتهكة حياته وكرامته ووجوده وثقافته العريقة فهو يشعر أن المواطن العربي لايمكن ان يحصل على الراحة مادام يشعر ان هناك حكاما خونة ومطبعين يقودونه دون أي شعور وانتماء الى قضية العرب الكبرى فلسطين”.



