اخر الأخباراوراق المراقب

الصبر والتوكل ثنائي الظفر والفلاح

لقد ورد في الآية القادمة وصف للصبر حينما يقول تعالى:﴿بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ وورد أيضاً وصف في آيات أخر حيث يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ﴾.

﴿الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

في كلتا الآيتين تأكيد من الله تعالى على صفة الصبر التي تشكِّل شرطاً ضرورياً يجب أن يتحلَّى به الجهاديون والمقاتلون في سبيل الله، فبالصبر والثبات يرتفع المجاهدون إلى مستوى اللياقة المعنوية ليكونوا أهلاً لإرسال المدد الغيبي والنصر.

في موارد أعمّ من موارد الحرب، أكد القرآن الكريم على هذا العنوان كثيراً فيما يقرب من سبعين مورداً، لكن أوصى وكلّف بالصبر والثبات خاصة في الحرب والجهاد في سبيل الله لما لهما من الدور الفعال والأساسي في تحقيق النصر على الأعداء.

التوكّل على الله والثقة المطلقة به عزَّ وجل

لقد أعطى الله تعالى صفة التوكل عليه والثقة به اهتماماً خاصاً، برز من خلال العديد من الآيات التي تتحدث عن الجهاد.

وخلاصة القول: يجب على المؤمن أن يتوجه إلى حقيقة واحدة وهي أن النصر والفتح فقط من عند الله تعالى، فالمجاهدون وفي عرض استفادتهم من الأسباب والعلل المادية، يجب أن لا يغفلوا عن العون والمدد الإلهي، وأن لا تتعلّق قلوبهم بتلك الوسائل الماديّة بظن أنها تكفيهم وتغنيهم عن التوسّل بالله عز وجل، بل اللازم هو الاتكال على الله تعالى فقط مع استفادتهم من كل الإمكانيات والقدرات المادية واستعمال الأسلحة والعتاد الحربي.

لكن الأهم في كل الأحوال: هو أن لا يَرَوْا مؤثِّراً حقيقياً غير الله تعالى، بل يبقى توكلهم معقوداً على الله تعالى فقط واعتمادهم على لطفه وعنايته، ثم فلينتظروا مدده ونصره لأنّ الأمور كلّها بيد الله.

وههنا نموذج تأريخي لأثر الغفلة عن الله تعالى، وهو ما حصل مع المسلمين في معركة حُنين، ففي هذه المعركة وُجِّهتْ ضربة قاسية للمسلمين بسبب هذه المسألة ألا وهي غفلتهم عن العون الإلهي وغرورهم بكثرتهم وعديدهم كما صرّح بذلك القرآن الكريم.

لقد كان الانكسار نصيبهم لأنهم علّقوا قلوبهم بتلك القوى والقدرات الظاهرية واغتروا بكثرة العدة والعتاد وكان هذا الغرور قاتلاً وكانت الهزيمة هي النتيجة الطبيعية لهذه الغفلة وهذا الغرور، يقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى