لماذا غابت الإجراءات العقابية الملموسة عن البيان الختامي للقمة العربية؟

بقلم: د. بسام روبين..
لقد انتظر الشارع العربي طويلا، انعقاد قمة الدوحة، على أمل أن تأتي بقرارات حاسمة تعيد للأمة شيئا من هيبتها، وتبعث برسالة قوية إلى القوى المعتدية مفادها، أن العرب قادرون على حماية مصالحهم، والرد على من يعبث بأمنهم وحقوقهم، لكن البيان الختامي للأسف جاء باهتا، مليئا بالكلمات الرنانة والعبارات الفضفاضة، خاليا من الإجراءات العقابية الملموسة التي كان يتطلع إليها المواطن العربي.
وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا غابت تلك الإجراءات؟
الجواب ليس معقدا بقدر ما هو مؤلم، فغياب العقوبات الحقيقية يعكس أولا حجم التباين في المواقف بين الدول العربية، ويفضح ثانيا حالة الارتهان السياسي والاقتصادي التي باتت تعاني منها بعض العواصم، فكيف يمكن أن تجمع على موقف عقابي صارم ضد دولة معتدية، وبعض أعضائها يرتبطون بعلاقات اقتصادية وأمنية عميقة معها، يخشون أن تتأثر مصالحهم أو عروشهم إذا أقدموا على خطوة جريئة؟.
لقد أثبتت التجارب، أن بيانات القمم العربية غالبا ما تصاغ بروح التوازنات لا بروح المواقف المبدئية، ولذلك نجدها مليئة بالتمنيات والالتزامات المستقبلية، لكنها تخلو من آليات التنفيذ ومن أدوات الضغط، فلا عقوبات اقتصادية، ولا مقاطعة سياسية، ولا حتى تهديد بقطع العلاقات، وهكذا تفرغ القمة من مضمونها وتتحول إلى مشهد بروتوكولي لا أكثر، لذا فإن غياب العقوبات لا يعني فقط ضعف الإرادة السياسية، بل يشجع المعتدي على التمادي في غطرسته، لأنه يتيقن أن الرد العربي لن يتجاوز الكلمات، وفي الوقت الذي تتخذ فيه دول العالم الأخرى، إجراءات فورية وحاسمة إذا تعرض أمنها أو مصالحها للخطر، يكتفي العرب بإصدار بيانات لا تتجاوز حدود قاعات المؤتمرات.
لقد آن الأوان، أن تعيد الدول العربية النظر في آليات عمل قممها، وأن تدرك أن الشعوب لم تعد تثق ببيانات لا تحمل قوة الردع ولا تترجم إلى أفعال، فالأمة بحاجة إلى مواقف شجاعة، وإلى قرارات جريئة تترجم إلى عقوبات اقتصادية وتجارية وسياسية، تجعل المعتدي يشعر بثقل العرب إذا اجتمعوا على كلمة سواء.
إن استمرار نهج البيانات الخالية من العقوبات ورضوخها للإملاءات الأمريكية، لن يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباط الشعبي وتمادي إسرائيل في عدوان جديد على الأمة العربية والإسلامية وإلى اتساع الفجوة بين الشعوب وقياداتها، وهو أمر في غاية الخطورة على استقرار الأوطان، فالردع لا يكون بالكلمات، بل بإجراءات ملموسة تفرض احترام العرب ومصالحهم، وإلا فسيبقى المشهد كما هو قمم متكررة، وبيانات متشابهة، وواقع عربي يزداد ضعفا وتشرذما.. اللهم ألطف بهذه الأمة ورد كيد المعتدين.



