اراء

سقوط الجغرافيا العربية وترسيم حدود جديدة بالدم!

بقلم: المهندس سليم البطاينة..

في زمن تتساقط فيه أوراق الحقيقة بسرعة مذهلة! تسقط فيه الجغرافيا! ويُعاد ترسيم جغرافيا وحدود جديدة بالدم، سيبدو العالم غريباً خصوصاً في جنوبه! على نحو تتحول معه الغرابة إلى ستار يُخفي ما حدث وسيحدث لاحقاً في المشرق العربي !

وسيظل التأريخ لُغزاً حول بعض الوثائق التأريخية القديمة (التي حُجم المخفي منها أكثر بكثير مما هو معلن مثل: وعد بلفور، واتفاقية سايكس – بيكو، وغيرها من وثائق).

أتساءل هنا: هل فعلاً نعيش استحماراً حضارياً كما أشار (علي شريعتي)؟

ألا يدعو ما يحدث للرعب، ودولنا تدفع الجزية! وتُجرّد نفسها من أساليب القوة، وتُقدم رقابنا للذبح من أجل إسرائيل!!

لقد دخل مصطلح (حدود الدم) قاموس السياسة عام ٢٠٠٦، عندما نشرت المجلة العسكرية الأمريكية Armed Forces Journal مقالاً للجنرال الأمريكي المتقاعد ( Ralph Peters ) بعنوان: سقوط الجغرافيا العربية، ورسم حدود جديدة بالدم!

أعدّ فيه خارطة لتقسيم المنطقة! وحجّته في ذلك أن الحدود الحالية ليست صلبة، بل سائلة، وقابلة للتغيير! لأنها نشأت منذ البداية بشكل عشوائي، كان الهدف منها إعاقة مشاريع الوحدة بعد سقوط الدولة العثمانية !

مؤكداً أن هذا التقسيم لن يحدث إلا بعد أن تُسفك آلاف الدماء من أبناء المنطقة! وأنه لا محالة من إراقتها !

نحن أمام مشهد عربي فوضوي متهالك وممزق!

وما يجري ليس حرباً بل صراعٌ على الذاكرة والتأريخ، وما طرحه الجنرال (رالف بيترز) أصبح اليوم واقعا ومشاهداً على الأرض:

الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى الى غير رجعة! والعالم العربي الذي تشكل خلال القرن العشرين لم يعد قابلاً للبقاء والاستمرار، حيث لم تعد هناك أهمية لما يطلق عليه ( دكتاتورية الجغرافيا، أو السيادة المطلقة!)

الحدود الحالية لم تعد ثابتة كما رسمتها بريطانيا وفرنسا، لأنها رُسمت بريشة السياسة وليس الجغرافيا !

-والربيع العربي لم يكن حدثاً سياسياً فحسب! بل مدخلاً لعملية تفكيك اجتماعي منظم مهّد لتبدل الخرائط، وإعادة تشريحها من جديد.

الأمور هنا ليست قائمة على الدليل والبرهان، الفكر الصهيوني لم يعد يقتصر على حدود سياسية قابلة للتفاوض، لأنه يتعامل مع الجغرافيا كحق مقدس غير قابل للتنازل، والدور الأمريكي لم يعد داعما، بل أصبح مُنظما للّعبة !

نعم نعيش زمناً عربياً من الانكسار! وسلسلة من الفوضى المدارة: دخلت فيها المنطقة إعادة ترتيب الأنظمة والدول والحدود، وتفكيك الوحدات الوطنية، بإعادة تركيبها في إطار الشرق الأوسط الجديد.

وخلاصة الأمر: من يعتقد أن بإمكانه التحكم بمسارات حدود الدم، وخرائط الجغرافيا في المنطقة والإقليم يراهن على خطأ، القطار الصهيوني لم يعد بحاجة الى صفارة إنذار! ولا الى سكة حديد! فقد أصبح العرب وقادتهم القاطرة التي يجرّونها ويجرّون فيها أنفسهم نحو مصيرهم المتهالك.. وهذا ما قاله القذافي قبل اكثر من عشرين عاماً: إن قطار الموت سيمرّ على العرب جميعاً !

فالعرب بكل شعوبهم وقادتهم غير قادرين على استعادة كرامتهم، وإفشال مخطط تفكيك أوطانهم !

ومقولة أكلت يومَ أُكِلَ الثور الأبيض! لا تزال الثيران ثورا بعد ثور لا تريد الاعتراف بهذه الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى