الاقتصاد العراقي على حافة التقشف وسط إنفاق متصاعد وتخطيط غائب

هزات مالية تلوح في الأفق
المراقب العراقي/ أحمد سعدون..
تواجه الحكومة، تحديات هيكلية في إعداد موازنتها المرتقبة التي ينتظر تقديمها إلى البرلمان قبل نهاية العام الجاري، وسط مخاوف من عدم كفاية الإجراءات المالية لمواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة.
الاسراف الحكومي المتزايد دون دراسة أو تخطيط، عرّض خزينة الدولة الى ارتفاع الدَّين الداخلي، حيث وصل في نهاية آذار من عام 2025 الى 85 تريليوناً و536 مليار دينار، مقارنة بشهر شباط الذي بلغ 82 تريليوناً و608 مليارات دينار، وفق آخر إحصائية للبنك المركزي العراقي .
فيما وضع خبراء اقتصاديون، ثلاثة عوامل رئيسة تحدد فعالية الموازنة القادمة، تتمثل في طبيعة سياسة الإنفاق، والعلاقات مع السلطات الفيدرالية الأمريكية، والقدرة في الحفاظ على مستوى سعر بيع النفط عند 70 دولاراً للبرميل.
وأكدوا، أن التوجه القادم للحكومة سيتخذ منحى السياسة التقشفية التي تستهدف النفقات الضرورية فقط، من أجل تخفيف الضغط المالي على الموازنة، لافتين الى أن التذبذبات في سوق النفط العالمية، تفرض على صانعي القرار تبني نهج أكثر تحفظاً.
وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن أي انخفاض في أسعار النفط عن المستوى المخطط في الموازنة، سيؤدي إلى عجز مالي قد يجبر الحكومة على اللجوء للاقتراض أو تقليص برامج الإنفاق الاستثماري، في وقت تعاني فيه البنية التحتية من تدهور ملحوظ، مبينة ان تسوية الخلافات مع واشنطن بشأن آليات تحويل عائدات النفط العراقية عبر النظام المصرفي العالمي تمثل تحدياً إضافياً، حيث تؤثر هذه القضية مباشرة على انسيابية تدفق الإيرادات النفطية التي تشكل أكثر من 90% من موارد الموازنة العامة.
فيما يرى مراقبون، ان سياسة الحكومة الحالية بالغت في عمليات الصرف دون الأخذ بعين الاعتبار، حجم التحديات التي تواجه البلد سواء على الصعيد الداخلي أو التأثر بالعوامل الخارجية المتمثلة في تذبذب أسعار النفط أو الاحتراز من السياسة العدائية التي تمارسها واشنطن ضد الاقتصاد العراقي، لافتين الى ان هذه التحديات تأتي في ظل تنامي الاحتياجات المالية للقطاعات الخدمية والضغوط المتزايدة على الحكومة لتحسين مستويات المعيشة، مما يضعها أمام معادلة صعبة بين ضبط الإنفاق وتلبية المتطلبات الشعبية المتزايدة.
وفي السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي باسم أنطوان في حديث لـ”المراقب العراقي”، ان “الموازنة العراقية هي سياسية وتخضع للتوافقات بين الكتل، مما انعكس سلباً على الدور الاقتصادي للبلد وأخرت الكثير من المشاريع المهمة التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بحياة المواطن”.
وأضاف أنطوان، ان “الواردات العراقية هي متحركة باعتبارها تعتمد بشكل رئيسٍ على النفط والتي بطبيعتها معرضة للارتفاع والانخفاض حسب متطلبات السوق العالمية، على الرغم من المحاولات المحدودة من قبل الحكومة في تنويع الاقتصاد بواردات أخرى، لكنها لم تقاوم أمام التحديات الكبرى التي يعيشها البلد” .
ولفت أنطوان الى ان “اخضاع الموازنة للمساومات السياسية أفقدها الثقة من قبل القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال المحلية التي تتوجس من المساهمة في تنفيذ المشاريع الحكومية وذلك بسبب الاجراءات الروتينية المشددة وسيطرة الأحزاب على المشهد الاقتصادي”.
وفي ظل تصاعد الترقب الشعبي والنيابي لمصير جداول موازنة عام 2025، طالبت اللجنة المالية في مجلس النواب، الحكومة، بضرورة الإسراع في تقديم الجداول المالية ضمن المدة القانونية، محذرة من أن التأخر في إرسالها ينعكس سلباً على الحركة الاقتصادية ويعرقل عمل الوزارات ويعطّل المشاريع الحيوية بالإضافة الى شل قدرة الوزارات على تنفيذ الترقيات والتعيينات وتثبيت العقود، وتبقي آلاف العاملين في حالة من الغموض الإداري والمعيشي.
وأوضحت اللجنة، أن “الحكومة لم تلتزم بالمادة 77/ثانياً من قانون الإدارة المالية، التي تلزمها بإرسال الجداول في موعد أقصاه 15 تشرين الأول من كل عام”.
وعلى وفق هذا التعقيد الشائك في المشهد الاقتصادي، يبقى الشعب ينتظر وضوحاً في الرؤية، واستقراراً في السياسات المالية من قبل الحكومة، ويشدد على الإيفاء بالتزاماتها في توفير حياة كريمة للمواطن.



