التشكيلي محمد مسير.. مبدع ينقل معاناة الفقراء الى فضاء اللوحات

يرسم ويكتب بكوميديا سوداء
المراقب العراقي/ المحرر الثقافي…
يعد الفنان التشكيلي محمد مسير، واحداً من الفنانين الذين يمتلكون مهارات كبيرة في فن الرسم، فهو قد تتلمذ على أيدي كبار الفنانين التشكيليين العراقيين الذين أسسوا وأرسوا دعائم هذا الفن الذي وصل للعالمية بفضل جهودهم الكبيرة في تخريج أجيال كثيرة عراقيا وعربيا.
وقال الناقد رحيم يوسف في قراءة نقدية خصَّ بها “المراقب العراقي”: إن “محمد مسير كفنان درس وتدرب على أيدي الفنان الكبير فائق حسن، وبقيت تأثيرات فائق واضحة عليه حتى الآن حين يعمد إلى رسم الأعمال الواقعية، ولا يمكن أن يخطئ اثناء بناء العمل الفني في تفاصيل مهمة، كالإنشاء واللون والظل والضوء….الخ، وهو في فترات متفاوتة يعمل كرسام بورتريه في مشغل وحيد علوان الواقع بالقرب من ساحة كهرمانة في مدخل الكرادة”.
وأضاف: “كان لنشأته الاولى في محافظة البصرة التأثير الكبير على حياته لاحقا وهو يتذكر طفولته فيها بالكثير من السحر، ذلك الذي يجسده وهو يستعيده حين يرسم أعمال الطبيعة المدهشة، وأجزم ان ذلك السحر وسع من خياله وقدرته حين يقص مواقف مر بها بطرق مدهشة”.
وتابع: “في جلسات الاسترخاء اليومية، بالإمكان الاستدلال على وجوده من بعيد من خلال الضجيج الذي يثيره بحكاياه الفاتنة التي يتميز بطرق روايتها المختلفة كليا، لأنه يضيف لها ما يجعلها تتحول الى كوميديا، ربما لأنه يشعر بالكثير من الحزن بل اليأس من الاحباطات والظروف المعيشة السيئة التي يعاني منها الجميع دون استثناء، فيلجأ الى نوع خاص من الكوميديا بطريقته الساحرة في سرد المواقف والاقاصيص”.
وواصل: “ولعل ابن عمه فليح يمثل قمة الهرم في حكاياه التي يسردها بتميز، ناهيك عن مجموعة من الطرائف التي مثلت العديد من الحكايات التي مرت به في مسيرته الحياتية، كما انه يلجأ أحيانا لكتابة نصوص شعرية عامية تمثل قمة في الكوميديا السوداء للحياة في البلاد، لكنه يرفض الحديث عن تلك النصوص أو نشرها معتبرا اياها نصوصا خاصة جدا، وكنت قد كتبت عن نص بعينه بمشاركة الفنان المتميز محمد القاسم، ذلك النص الذي عبر عن كم الفواجع وغياب قيمة الانسان في البلاد أيام الحرب الطاحنة التي شنتها عصابات داعش الاجرامية على العراقيين، ولم يوافقا على النشر لاعتقادهما انه يسيء لهما باعتبارها فنانين كبيرين”.
وأوضح: “من مستودع الأحزان وموطن اسرار الجمال والفتنة حيث ولد وكانت نشأته الأولى، وأعني البصرة تلك المدينة التي تمنح فتنتها وتأسر العابرين، الى مدينة الصدر التي تمتلك أسرار جمالها حيث استقر، تخللت رحلته الكثير من العقبات، وسيول من المعاناة توجها بتفوقه كفنان تشكيلي متميز وضع بصمته في عالم التشكيل العراقي المعاصر بانتهاج أسلوبية خاصة به”.
وأكمل: “قد يرى البعض بان الفنان المبدع والتشكيلي بالذات، دائب العزلة ولا يرتكن الى العائلة إلا في حالات قليلة لأنه يبحث عن العزلة بشتى الطرق من أجل التفرغ لعمله، لكنني وعن تجربة متيقن بان العائلة هي الداعم الأساسي له، ومن أهم أسرار نجاحه، ولربما يحتاج البعض من العزلة بعد تقدمه في السن وتزايد أفرادها، فيعمد الكثير منهم إلى اتخاذ أماكن خاصة كمشاغل للرسم”.
وختم: إن “مسير الذي انتقل للسكن في منطقة الحسينية وهي تقع في ضواحي بغداد ولا تبعد عنها كثيرا، الحسينية التي لا تختلف عن مدينة الصدر بمعاناتها من الاهمال في جميع مرافقها من بنى تحية وخدمات… الخ، فاتخذ له مشغلا خاصا ونشر على صفحته الشخصية على موقع (الفيسبوك) اعلانا طريفا مفاده (الأصدقاء الاعزاء تم وبعون الله افتتاح مشغلي الواقع في مدينة الحسينية، شارع الجريخي، بين دار الأوبرا ومدرسة الموسيقى والباليه)، إن “هذا الإعلان المضحك/ المبكي جاء تعبيراً عمّا يراه من دمار يحل بالبلاد من النواحي كافة” .



