واشنطن تضع شبح “داعش” على أسوار قواعدها للعبث بأمن العراق وتعطيل انسحابها العسكري

مع بدء العد التنازلي لطرد قواتها
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
مع تواصل جهود العراق للتخلص من وجود القوات الأمريكية على أراضيه وتحقيق السيادة الكاملة، بعد جولة مفاوضات طويلة مع واشنطن، تسعى الولايات المتحدة الى وضع عراقيل في طريق ذلك الانسحاب، عبر ارسال رسائل تهديد الى العراق تتعلق باستمرار خطورة عصابات داعش الاجرامية على الوضع الداخلي للبلاد، في محاولة للتأثير على قرار الانسحاب أو التريث به على أقل تقدير، فيما تصرُّ بغداد على تنفيذ القرار في موعده المقرر، مؤكدة قدرة قواتها الأمنية على حماية البلاد من أي اعتداء قد يتعرّض له مستقبلاً.
ويأتي إصرار العراق على انهاء مهام القوات الأجنبية وفي مقدمتها الأمريكية على أراضيه، من امتلاكه وثائق تؤكد الدور السلبي الذي لعبته واشنطن في العراق على مدى السنوات الماضية، والشواهد كثيرة على المساعدات التي قدمت للتنظيمات الاجرامية أبان حروب التحرير التي خاضتها القوات العراقية، إضافة الى الاستهداف المتكرر للحشد الشعبي، فضلاً عن فرضه قيوداً على الطيران الحربي العراقي، وهو ما يقيّد العمليات ضد داعش، ويعطي فرصة لإعادة التموضع، خاصة وان التنظيم المجرم يعتمد المناطق المعقدة جغرافياً للاختباء فيها.
المخاطر التي تشيعها واشنطن بشأن عودة التنظيمات الاجرامية ونشاطها داخل العراق الى درجة تهديد أمن واستقرار البلاد، قوبلت برفض من القيادات الأمنية التي أكدت، ان البلاد تمتلك قوة ضاربة يمكنها صد أي هجوم، بالإضافة الى ان الوجود الأمريكي ينحصر بالإسناد الجوي للقوات العراقية، وهذا الوجود أيضاً يشوبه الكثير من علامات الاستفهام، إذ لم تكن الضربات التي نفذها ما يسمّى “التحالف الدولي” دقيقة بالشكل المطلوب، وكان الكثير منها يعتبر بمثابة تمهيد وفتح الطرق أمام التنظيمات الاجرامية، بحسب شهادات لقادة أمنيين، وهو ما دعا العراق الى إعادة النظر بالوجود العسكري الأجنبي.
وفي وقت سابق، زعمت السفارة الأمريكية في بغداد بأنها قلقة من العمليات المستمرة والتوسعات الإقليمية لتنظيمي داعش والقاعدة في العراق والشام، وهو ما فسّره مراقبون بأن هذا التحذير يأتي بمثابة رسالة تهديد الى بغداد، بأن انسحابها يمكن ان تترتب عليه تبعات خطيرة قد تهدد أمن البلاد، مشيرين الى ضرورة توجيه ضربات نوعية للتنظيمات الإجرامية وتعزيز سلاح الجو بصفقات جديدة لتعزيز قوة البلاد العسكرية، سيما مع تواصل التهديدات والتطورات التي تشهدها المنطقة.
وحول الموضوع، يقول المحلل السياسي د. علي الطويل لـ”المراقب العراقي”: إن “لغة التهويل والتخويف التي تستخدمها واشنطن مع كل حديث عن الانسحاب، ليست جديدة، وقد حذرت من ذلك خلال الفترة الماضية”.
وأضاف الطويل، أن “داعش يعتبر أحد أجنحة واشنطن في المنطقة، وتحركها وقت ما تريد وتقتضي مصلحتها، وبالتالي يجب المضي بقرار الانسحاب وعدم الاهتمام للتحذيرات الأمريكية”.
وتابع، ان “العراق اليوم يمتلك قوة كبيرة تمكنه من مواجهة أية مخاطر، ونحتاج فقط الى تعزيز منظوماتنا الجوية وسلاح الجو خلال المرحلة المقبلة، لمواجهة أي خطر قد يحيط بالبلاد”.
وأشار الطويل الى ان “الحكومة مطالبة بالرد على التصريحات الأمريكية، لأن الحديث عن تنامي التنظيمات الاجرامية يعتبر تهديداً مباشراً لأمن واستقرار البلاد”.
وبالتزامن مع حديث أمريكا عن مخاوف من تهديدات إرهابية للعراق، تترتب على انسحاب قواتها، ركز سياسيون وشخصيات سُنية على موضوع الفراغ الأمني وخطورة انهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد، وكأن هذه الأطراف تلقت إخطاراً من الجانب الأمريكي دفعها للتحدث بصورة جماعية عن الملف، فيما يرجّح مراقبون، إن هذا التوجيه جاء بدفع من كتل سياسية مرتبطة مصالحها بالوجود الأمريكي.
وبحسب مصادر، فأن القوات الأمريكية قد بدأت بالفعل في إجراءات خاصة، استعدادًا للانسحاب من بغداد، بما في ذلك مواقع في المنطقة الخضراء والعمليات المشتركة، وذلك ضمن سياق يتوقع أن ينتهي فعلياً منتصف العام المقبل، مع الانتقال لموقع بديل في إقليم كردستان، وفق المعلومات الأولية، فيما سيكون الإخلاء الفعلي في منتصف أيلول عام 2025.



