اخر الأخبارالنسخة الرقميةتقارير خاصةسلايدر

صراع الزعامة يمزّق الإقليم ويحوّل موارده إلى وقود لتصفية الخصوم

من مواجهة “الهركي” الى اعتقال “جنكي”


المراقب العراقي/ سداد الخفاجي
يمرُّ إقليم كردستان بواحدة من أصعب المراحل، التي تهدد بزوال سلطة الأحزاب الحاكمة، حيث تتداخل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، لتكشف ضعف العملية السياسية والانقسام والفوضى، وانتشار النزاعات العشائرية التي باتت السمة الأبرز لكردستان، فيما يصارع إعلام السلطة في أربيل والسليمانية، عكس واقع مختلف عما يعيشه سكان المحافظات الكردية، لكن هذه المرة الواقع المرير فرض نفسه، ليظهر الإقليم بحالة ضعف غير مسبوقة منذ تأسيسه.
لم يمضِ وقت طويل على المعارك الطاحنة التي امتدت لأيام عدة في محافظة أربيل بين قوات البارزاني ومسلحين تابعين لعشيرة الهركي، أسفرت عن قتلى وجرحى، حتى انفجرت مواجهات أخرى في قلب محافظة السليمانية بين قوة تابعة لبافل الطالباني ومسلحين تابعين لابن عمه لاهور شيخ جنكي، أدت أيضاً الى سقوط ضحايا ونشر الرعب بين المدنيين، وعكست صورة واقعية عن الإقليم أظهرت مساوئ حكم العائلات في الشمال، وكشفت زيف الصورة الوردية التي تحاول رسمها العوائل الحاكمة في كردستان العراق.
وشهدت محافظة السليمانية بإقليم كردستان، فجر الجمعة الماضية، اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة بين قوات تابعة لبافل الطالباني ومسلحين تابعين لرئيس حزب جبهة الشعب، لاهور شيخ جنكي، عقب صدور مذكرة توقيف بحقه على خلفية تهم تتعلق بـ”التآمر لزعزعة الاستقرار”، وأسفرت المواجهات عن سقوط قتلى وجرحى من عناصر الأمن، قبل أن يُعتقل جنكي مع شقيقيه بولاد وآسو.
صراع العوائل في الإقليم يأتي في ظل أزمة اقتصادية خانقة تشهدها كردستان، وانقطاع الرواتب عن الموظفين، نتيجة عدم التزام أربيل بالاتفاق مع بغداد واستمرار عمليات نهب النفط وأموال الواردات غير النفطية من قبل الأحزاب الحاكمة، ما ولّد نقمة وسخطاً كبيرين من قبل المواطن الكردي على أحزاب السلطة، واجهتها قوة مفرطة ضد الأصوات التي تطالب بالحقوق المشروعة، وحملة اعتقالات كبيرة وسط تكتم إعلامي.
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي حيدر عرب الموسوي لـ”المراقب العراقي”: إن “الشعب الكردي في إقليم كردستان وصل الى مرحلة، لا يمكنه السكوت عن الأوضاع التي يعيشها، حتى وصلت الانشقاقات والتمرد لأحزاب السلطة”.
وأضاف الموسوي، أن “الأزمة الاقتصادية التي عاشها ومازال يعيشها الأكراد، جعلت منهم أشخاصاً ناقمين على السلطة، الأمر الذي اضطر الأحزاب الحاكمة لفرض إرادتها بالقوة على المواطنين”.
وأشار الى ان “كردستان تعاني مشاكل سياسية انعكست على الوضع الاقتصادي والأمني، وكل محاولات التستر وإبقاء الموضوع تحت السيطرة لم تنجح”.
وبيّن الموسوي، أن “استمرار الحكم بهذه الطريقة، سيُعجل بإطاحة الأحزاب الحاكمة، خاصة مع تواصل عمليات سرقة النفط وعدم الالتزام بالاتفاقيات مع بغداد، مشيراً الى ان المواطن الكردي اليوم، لديه ثقة كبيرة بحكومة بغداد أكثر من حكومة أربيل”.
وتأتي هذه التطورات في وقت عجزت به أحزاب السلطة عن انتخاب حكومة وبرلمان جديدين، ليعكس هذا الملف صورة أخرى للنزاع على السلطة في إقليم كردستان، إذ عجزت الأحزاب الكردية منذ أشهر عدة عن تشكيل حكومة بسبب عدم الاتفاق على توزيع المناصب بين الحزبين الديمقراطي الذي يطلب بحصة الأسد، والاتحاد الذي يرى نفسه شريكاً بالمناصفة بالمناصب الحكومية في الإقليم، الأمر الذي ولّد حالة من الفوضى وارتفاع معدلات الجريمة في شمال البلاد، نتيجة انشغال الأحزاب بالصراعات الداخلية.
وعلى الرغم من محاولة الأحزاب الحاكمة في كردستان، إخفاء الأزمة السياسية وصراع النفوذ بالإقليم، إلا ان هذه المشاكل لم تعد خافية على أحد، والجميع يعلم بأن حكومة كردستان تقف على حافة الهاوية، وانها مهددة في أية لحظة بالانهيار في ظل انفراد الأحزاب بالسلطة وتصفية أو استبعاد الخصوم والمعارضين، الأمر الذي يهدد باندلاع انتفاضة شعبية قد تُنهي حكم العوائل.
وفي وقت سابق، أقدمت شرطة السليمانية على اعتقال رئيس حركة الجيل الجديد، شاسوار عبد الواحد، من منزله في “القرية الألمانية” بمدينة السليمانية، بعد صدور أمر قضائي بحقه، استناداً إلى دعاوى مقدمة من مواطنين بموجب المادة 431 من قانون العقوبات العراقي الخاصة بـ”التشهير”، إلى جانب حكم سابق بالسجن ستة أشهر، صدر عام 2019 لم ينفذ بحق عبد الواحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى